الحياة - سعودي جسّد عادل إمام في فلمه «الأفوكاتو» أهم نموذج لشخصية المحامي المحتال والمتطاول في تاريخ السينما العربية. حسن سبانخ كان اسم تلك الشخصية المستفزة التي جسدها الزعيم في فيلمه الشهير، سبانخ الذي تطاول على مقام المحكمة زُج به في السجن لبذاءة لسانه وأسلوبه المستفز ولاتهامه أحد القضاة بالتهرب الضريبي. إن نماذج حسن سبانخ لدينا ليست بالكثيرة ولله الحمد، لكنها تنخر في جسد العدالة وتقلل وتتهكم وتتحزب ضد القضاء والأحكام القضائية والكيان العدلي، ولم تجد الرادع الزاجر لها، ما يضعف ويسهم في النيل من هيبة القضاء والأحكام القضائية. ولعل وزارة العدل - كونها الجهة المسؤولة عن متابعة المحامين وتأديبهم من خلال لجنة تأديب المحامين - لم تنجح في اجتثاث هذه الشرذمة القليلة من جسد العدالة حتى الآن، وقد تكون الأنظمة الفضفاضة لدينا أحد أسباب ذلك أيضاً، فمن خلال اطلاعي البسيط على نظام المحاماة لم أجد الجزاء المناسب للمحامي المسيء، فالعقوبات الواردة في النظام هي الإنذار أو اللوم أو الإيقاف عن مزاولة المهنة مدة ثلاثة أعوام، أو إلغاء ترخيص المحامي، وكما جاء في نظام المحاماة، لا يعاقب بما ذكر آنفاً إلا من يخالف نظام المحاماة أو من يخل بواجباته المهنية أو من يرتكب عملاً ينال من شرف المهنة، وشرف المهنة هنا مصطلح فضفاض لم يبين مقاصده ولا معالمه، وقد يكون «حسن سبانخ» ومن هم على شاكلته لعبوا على هذا المصطلح «بالبيضة والحجر» كما يقول الإخوة المصريون، متخذين من الساحة القضائية والعدلية مسرحاً لأعمالهم الهزلية، فسيناريو المسرحية وضع مصطلح «الوطنية» في بوتقة يطهون ويمزجون فيها ما يطيب لهم من سموم، ليصدروها إلى العوام، ويتمسكون بها زيفاً كي لا تسقط أقنعتهم وتظهر وجوههم القبيحة التي يحاولون إخفاءها. «حسن سبانخ» تهكم قليلاً على المحكمة وبأسلوب غير مباشر، وزج به في السجن مدة شهر، بينما نماذجه لدينا تقلل من شأن القضاء وتتهمه وكيان العدالة بأبشع التهم، تحقيقاً لمآربهم الشخصية وأجنداتهم المشبوهة، ولم نجد الجزاء الحازم الذي يؤدبهم. [email protected]