التقرير - السعودية كان عرب الجزيرة يفتخرون بحمايتهم للنساء، وعندما تكون بين أشخاص عداوة لا يمكن أن يُعتدى على النساء؛ فهذا طعن في المروءة والأخلاق ولا يقبله الإنسان الكريم على نفسه ولا يقبل أن يرى ذلك يحصل لأحد أمامه، فسوف يقاتل من أجل صدّه. فما الذي حصل في السنوات الماضية؟ صعق المجتمع ذات يوم بصور مفجعة لا يمكن لها أن تغيب عن بال أيّ شخص يراها: فتاة في عمر الزهور مقتولة وملقاة في الشارع جثة هامدة، اتُّهم شخص ما بأنه اختطف الفتاة من السوق وأمام الناس وجدت شهادات على ذلك، وهذا الشخص هو أحد أفراد الأسرة الحاكمة وبناءً عليه يسمّى "أميرً". طبعًا، السلطات أسرّت على الموضوع، وأخرجت بيانًا مهللًا لا يوضح ما الذي حصل، وبقى المجرم طليقًا أو غير معروف وتمّ التكتيم على القضية وتمّ إسكات أهلها وكأنّ من مات قطة، ربما لم يكن المتهم هو الفاعل، ولكن في سلطة مثل هذه حيث التعتيم وعدم الشفافية واتباع طرق ملتوية مع الناس كلّ بحسب قربه للسلطة، تصبح الأمور ضائعة تائهة كحال السلطة. أفعال السلطة لم تكن مفاجئة لي، بل ردود الناس والقبائل ومدعو حقوق المرأة ومدعو الحفاظ على المرأة، صمت رهيب يقتل الإنسان .. نساء في بريدة اجتمعوا للمطالبة بأزواجهم أو آبائهم أو أبنائهم تم التعامل معهم بأسلوب سلطوي وسجنهم لمجرد احتجاج سلمي على مرأى العالم. خرج رجال للمطالبة بهم فسجنوا، كان الحراك مخيفا جدًّا للسلطة. أرادوا من بعض الشخصيات التدخل لحل فتيل النزاع، طبعًا التدخل المطلوب هو في إسكات الناس، لا يتضمن تحقيق العدالة لمن سُجن أو لأهاليهم... رفضت كل الشخصيات المستقلة التدخل. استمر التصعيد ولكن لم تحصل أيّ ضجة كبيرة، وتمّ إخلاء سبيل النساء بعد أيام وبعضهن بعد شهر ونيف... لو كانت القضية "لفتاة المناكير" لوجدت السجال والسجال المضادر لأسابيع حول حق المرأة في المناكير والتعارك مع موظفين عاميين. بهية بنت الشيخ سليمان الرشودي المسجون لا لشيء إلا لمطالبته بالإصلاح السياسي تمّ الحكم عليه زورًا وبهتانًا بخمسة عشر عامًا، ابنته غيبت قبيل عيد الفطر الماضي لكونها ابنة أبيها وطالبت بإطلاق سراحه وغيّب معها ابنها. يعرف الشيخ الكثير من "النخب"، لم يتحدث أحد خوفًا من السلطة. طبعًا، من الناحية القانونية والشرعية كلّ شخص مسؤول عن أفعاله سواء امراة أو رجل، ولكن نحن هنا نتحدث عن شيم أزعجنا العرب الحاضرة بالتغني بها وعند كلّ اختبار أمام تغول السلطة تغيب الشيم، فلا صوت يعلو على صوت السلطة ولا سجود أعظم من السجود للاستبداد. إن الإنسان الكريم في جزيرة العرب لا يستطيع أن يتعايش مع سياسة أمنية ضربت بعرض الحائط كل (سلوم) العرب وشيمهم بهذا الشكل، فلا هي تمسكت بالعادات والتقاليد القبلية وحكمت وفق أسسها وخطوطها الحمراء، ولا هي تحوّلت إلى دولة حديثة يخضع فيها الجميع لحكم القانون الموافق للشرع؛ الذي حصل هو تبديل الشرع ليوافق هوى المستبد ويخرج على المنبر بعض "الوعاظ" يدعون على عجائز ونساء لأنهم اجتمعوا للمطالبة بمحاكمات عادلة لأقاربهم! آخر شيم العرب ذهبت، فلا تحدثوننا عن كونكم عربًا.