مكة أون لاين - السعودية أليس العيد بكافٍ أن نفرح؟ بلى. وإذن.. فما بال الذين دأبوا في تحريض الناس على: «الأحزان» وإليه يدفعونهم ديانةً!، على النحو الذي يُخلّون فيه بالمقاصد (الفرائحية) التي هي حقيقة ما تؤول إليه مشروعية العيد وَفق ما تضافرت عليه النصوص..؟! وما من شكٍّ أن التكلّف في المضي نحو استدعاء: «الأحزان» ذلك اليوم؛ هو خروجٌ عن الفطرة ودواعيها، أيّاً تكن (المآسي) وبواعثها المرعيّة في خطاب الأمة، ناهيك عن كون تكلّف استدعاء الحزن -والتنادي به- تالياً بوصفه: «نصرةَ للدين وأهله» لا يخرج ثانيةً عن القصد الفاسد الذي يستهدف تجاوز الأحكام الشرعية ابتداءً، إذ فيه مخالفة ظاهرة لجملة كبيرةٍ من النصوص، التي ما فتئت تؤكد على اجتلاب كلّ ما من شأنه في ذلك اليوم أن يأتي بالفرح ويحفز على إشاعته، ويعزّز بسط مقوّماته التي تعسّفنا تحريمها بدفعٍ جائرٍ من يبوسة طِباعنا، إذ هي لا تعدو أن تكون محض اجتهادات لا يستدعيها في الغالب إلا وجود الباعث غير المشروع كدليلٍ ظاهرٍ، على وجود الاختلال في مناشئ الأفعال والممارسات..!! إلى ذلك.. فإنّه لا يصح بأيّ مقتضىً أن نفوّت: «الفرح» إبان ذلك اليوم.. بل كيف يسوغ لنا مثل هذا الاجتراء، على الرّغم من أن الفرح ذلك اليوم هو: من تقوى القلوب؛ فالفرح إذن والاحتفاء به تالياً يبقى عبادةً يكون فيها تعظيم شعائر الله. كما وأنّ الخشوع لبّ صلواتنا ومن دونه تغدو عبادة خشبية لا شيء فيها غير الحركات الجسدية الصورية..! كذلك فإنّ لبّ شعيرة العيد هو: «الفرح»، وفي حال اغتلناه بأيّة حجةٍ داحضةٍ، أو رحنا في طمس معالمه (وفق ذهنيّة ألفت التحريم)، فإننا نكون بذلك قد جعلناه يوماً خاملاً/ خائباً كسائر أيامنا الخوالي.. وليس في ذلك أي مظهرٍ من تقوى القلوب ولا من تعظيم شعائر الله كما ألمحت لذلك توّا..! وما من أحدٍ يجرؤ بالزعم -زوراً- أنّه يحفظ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه -ولو لعامٍ واحدٍ- قد أرجأ في عيدٍ: «الفرح» مراعاةً لما قد كان عارضا من مصائب بالضرورة أنّها لا تشبه من حيث فداحة خطبها ما ينتاب: «المسلمين» من مصائب يومنا هذا.! وعليه فلا يصحّ أن يصار إلى غير ما كان عليه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم.. وكذلك ما كان عليه أصحابه والتابعون لهم بإحسان. ما يعني أنّها نابتةٌ على غير هدى استحدثتها أسبابٌ لا تمت إلى الفقه بأدنى صلة.! وفي ختم المقال تجدر الإشارة بشيءٍ من إيجاز إلى ما يلي: *الفرح - مهما يكن حجم المآسي- هو قرين الأمل الذي لا ينفك عن التفاؤل وها هنا أجل صفات المؤمنين.. في حين يقبع: «الحزن» في قاع اليأس: «إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون» فما لنا واتباع غير سبيل المؤمنين.؟! *الأصل في العيد هو: «الفرح» فيما: «الحزن» عارضٌ يأتي بأسبابٍ مرشّحة للزوال في أيّ حين، وعليه فلا يُجعل من عارضٍ حَكماً على ما هو الأصل: «الفرح» ذلك ومن يُعظّم عارضا على: «أصل» فإنه من منافاة ما جاءت به الشريعة في كلّياتها.. ومن يفعل ذلك فإنما هو يعبّر بالضرورة عن حالةٍ من تسخّطٍ تبينُ عند التحقيق عن انحراف في المنهج وفساد في الطّباع.! * قد يظهر جليّاً لمن ألقى النظر وهو شهيد: أنّ دعاة قلب: «أفراحنا» أتراحاً إنما يبثون ذلك اشتغالاً لخطابٍ في الآخرين يبغونهم: «العمل على ذلك الغي» على حين لا نجد لهذا الخطاب في حياة الداعين: «للأتراح» أدنى نصيب منه..! ما يعني أنّ ثمة تديناً شكلياً قد يراهن على معنى لا يفهمه سواهم..! * العيد هو يوم الزينة وليس ينبغي فيه أن نرسم على محيانا ملامح لملاحم أحزاننا بدعوى الانشغال بهموم الأمة.. بينما تجد صاحب الرسالة - بأبي هو وأمي- يقول عنه جابر بن سمرة: «رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ليلة أُضحيان، فجعلتُ أنظرُ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى القمر وعليه حُلَّةٌ حمراء، فإذا هو عندي أحسنُ من القمر»..