مكة أون لاين - السعودية في المقال السابق تحدثنا عن الآلية التي تستخدمها الدول المتقدمة في حال انخفضت البطالة وارتفع التضخم، وكيف يتم استخدام معدل الفائدة للسيطرة على التضخم، وكيف أن هذه الدول لا تقوم بفتح أبواب الاستقدام على مصراعيها للعمالة الرخيصة من أجل تقليل تكاليف العمالة التي تتكبدها الشركات عند ارتفاع معدلات الأجور. في المقابل، يردد الكثيرون -خاصة التجار- أن الدول المتقدمة تعتمد بشكل كبير على العمالة الأجنبية، في محاولة لتبرير استنساخ ذلك في السعودية أو غيرها من دول الخليج، ولكن، تغيب الأرقام في تلك النقاشات، ويعتمد الكثيرون على التجارب الشخصية أو القصص. في هذا المقال سنلقي الضوء على بعض الأرقام المتعلقة بالعمالة الأجنبية في الدول المتقدمة، وسأستخدم أكثر الأرقام تحفظا، حيث سأضمن بتلك الأرقام كل العاملين في تلك الدول ممن لم يولدوا فيها، رغم أن كثيرا منهم يحملون الجنسية، ولكنني سأفترض أنهم جميعا عمالة أجنبية. لنبدأ بالوضع المحلي حتى تكون المقارنة واضحة، يعمل في السعودية أكثر من 8 ملايين وافد، يمثلون أكثر من 70?% من إجمالي العاملين في السعودية، في دولة مثل أمريكا عرف عنها أنها قبلة للمهاجرين، لا يتجاوز عدد العاملين من غير مواليد أمريكا 14?%. أما في الدول الأوروبية: فألمانيا لا يتجاوز عدد العاملين من غير المواليد 8?% وفرنسا 5?% وبريطانيا 9?%، وحتى الدول الصغيرة والغنية مثل سويسرا فلا تتجاوز النسبة 5?%، أما أغنى دولة في أوروبا والعالم والتي تتجاوز حصة الفرد فيها من الناتج القومي 90 ألف دولار، وأحد أصغر الدول حيث لا يتجاوز عدد السكان 600 ألف وهي لوكسمبورغ فلا تتجاوز نسبة العمالة الوافدة 25?% رغم ثراء سكانها، ندرك من خلال تلك الأرقام أن هذه الدول تعتمد بشكل أساسي على العمالة الوطنية، وأن الاستفادة من العمالة الوافدة تتم بشكل محدود ومدروس، وفوق كل ذلك، يجب ملاحظة أن العمالة الوافدة في تلك الدول تحظى بنفس حقوق المواطن، ولا يتم بخس حقها من خلال دفع مرتبات ضئيلة تشوه السوق، كما أن غالبيتهم يحصلون على الجنسية خلال سنوات قليلة.