مكة أون لاين - السعودية في المقال السابق تحدثنا عن النموذج الاقتصادي في الإمارات، وكيف أصبحت الإمارات مضربا للمثل بين شعوب دول الجوار، وفي نهاية المقال تساءلنا إن كان بالإمكان استنساخ النموذج الإماراتي في السعودية، وهل يمكن لنموذجها أن ينقل اقتصادنا من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج مستدام. وفي هذا المقال سنجيب على هذا التساؤل. يبلغ عدد المواطنين في الإمارات حوالي مليون مواطن، مقارنة بحوالي 20 مليون مواطن في السعودية، ويسكن في الإمارات أكثر من 8,2 ملايين وافد أجنبي. أي أن كل مواطن إماراتي يقابله 8 من الوافدين الأجانب. ويشكل الوافدون الأجانب أكثر من 98% من عدد العاملين في القطاع الخاص، لذلك فالوافدون هم العمود الفقري للاقتصاد في الإمارات. وإذا أردنا استنساخ النموذج الإماراتي فالخطوة الأولى هي استنساخ نموذج حجم استقدام العمالة لعدد السكان. وبناء على ذلك سيكون عدد الوافدين الأجانب بالسعودية أكثر من 164 مليونا، وإجمالي عدد السكان 184 مليونا. وبعد استنساخ نموذج العمالة، سنستنسخ نموذج الميزانية الحكومية الإماراتية. الميزانية الحكومية في الإمارات تتجاوز 385 مليار ريال سنويا، ولذلك يفترض أنه بعد استنساخ النموذج الاقتصادي الإماراتي مع الأخذ بعين الاعتبار الفارق مع عدد السكان ستصل الميزانية في السعودية إلى أكثر من 7,7 تريليونات ريال. المصدر الرئيسي لتمويل الميزانية الحكومية في الإمارات هو النفط، وبالتالي حتى نتمكن من تغطية الميزانية يجب أن نصدر أكثر من 56 مليون برميل يوميا، وهو أمر مستحيل، ولا يمكن أن تتجاوز صادراتنا للنفط أكثر من 10 ملايين برميل على المدى القصير و 13 مليونا يوميا على المدى الطويل. الخلاصة، أنه يستحيل على السعودية أن تستنسخ النموذج الاقتصادي الإماراتي، فهو عكس ما يروج له. ما زال الاقتصاد الإماراتي يعتمد بشكل أساسي على تصدير النفط والطاقة الرخيصة، وهي دولة ريعية لا تختلف كثيرا عن بقية دول الخليج، إلا أنها استطاعت أن تصنع بعض المعالم السياحية الجاذبة والظاهرة للعيان، ولكنها لم تستطع بناء اقتصاد منتج مستدام يمكن استنساخه في السعودية.