الحياة - سعودي النساء في مجلس الشورى على ثلاثة أنواع، مجموعة طموحة ومجتهدة وواعية بمسؤوليتها من حيث أنها تحمل هموم شعب من النساء في بلدها، مدركة أن واجبها حماية حقوق هؤلاء النسوة اللاتي تمثلهن وعليها إيصال صوتهن، وتفعيل حقوقهن المعطلة التي أعطاها إياها الدين الإسلامي قبل أن تعطيها إياها الاتفاقات الدولية المنصبة في دائرة عدم التمييز ضد المرأة، ولذلك فهذه المجموعة لديها النية والرغبة الأكيدة في تمثيل دورها المهم بوعي كبير بأن مهمتهن هذه ليست عبثاً، وليست ديكوراً لشغل مقاعد المجلس، ونشاطهن ملموس في تقديم قضايا المرأة السعودية بجدية صادقة، ورغبة أكيدة في خدمتها، فهن يعلمن أنهن ما أجلسن هنا إلا من أجلها. والمجموعة الثانية من التيار المتشدد الذي هو من أصله عدو لنفسه، ضد المرأة وضد أن تنال حقوقها، وهن بمثابة اللوبي في داخل المجلس مع اللوبي الآخر من الرجال، الذين دخلوا المجلس رافعين شعار المحاربة والمعارضة لكل ما من شأنه إحباط أي قرار لمصلحة المرأة، حتى لو كان هذا القرار من صميم الدين الإسلامي، لأن هؤلاء ليست لديهن قضية، ومتصالحات مع أنفسهن بأنهن متمكنات من حقوقهن، وغايتهن الوصاية عليها لخدمة تيار أهوائهن التي ترى في المرأة تابعة للرجل، وليس لهن إلا ما تمليه عليهن ضمائرهن المتشبعة بالأفكار المتطرفة، جاعلة من المرأة عدوة يجب محاربتها حتى لا تتفوق على الرجل، مع أن النساء المتشددات يسافرن إلى كل أصقاع الأرض بحجة الدعوة إلى الإسلام ولا يجدن في ذلك حرجاً، لكن أن تكون امرأة سعودية تمثل بلادها في مؤتمر ينادي بحقوق المرأة ويدافع عنها، فهذا هو التسيب في حدّ ذاته من وجهة نظرهن الضيقة، متناسين مشاركتها في الحروب مع الأعداء، إذ لم يحرمها الإسلام هذا الحق. ومع الأسف الشديد فإن هذه المجموعة هي التي تناغمت مع اللوبي المتشدد في المجلس، وهي التي تجد المساندة، وإلا فما معنى أن يأخذ المجلس بتوصية واحدة منهن بحذف فقرة من الاتفاقات الدولية والمعتمدة من أكبر رأس في الدولة، وتجاهل أصوات الأخريات والأعضاء الآخرين، وتمكين صوتها بالنفوذ من رئيس الجلسة من دون أخذ الأصوات الأخرى المعارضة؟ بل وتجاهل انسحاب عضوتين من الجلسة من دون أن يرى المجلس في هذا التصرف إقصاء، وإلغاء لأصوات الأعضاء المعترضة من الجنسين. هل هذا مجلس للشورى أم مجلس للصوت الأوحد والقرار الأوحد؟ وهل تعيين أعضائه من الجنسين لخدمة المواطنين والمواطنات جميعاً على مختلف توجهاتهم ومشاربهم، أم لتمثيل فئة واحدة لم يجد منهم الوطن والمواطن إلا التحيز والمواربة وممالأة التيار المتشدد الذي سار بالوطن نحو الانحدار في خدمة مواطنيه؟ وهل يمتلك المجلس سياسة موازية في التعدي على هيبة الدولة وتعطيل القرارات والتوصيات قبل أن تصل إلى المجلس الأعلى الذي هو الوحيد صاحب الحق في قبولها أو رفضها؟ وهل بلغت هذه السياسة من التأثير في أن يتحكم صوت واحد في مستقبل شعب من النساء، من دون تقدير لأعضائه الآخرين؟ بالتأكيد المجموعة الثالثة من النساء في المجلس لا معترضة ولا موافقة ومكتفية بمنصبها، ومع احترامي لكل النساء في المجلس، إلا أنه من حق المواطنات أن يعرفن من يمثلهن فعلاً ويدعمن بقاءه، ومن يقف ضدهن فلا يستحق أن يمثلهن، بل هو يمثل نفسه، وأن ينسحب مع الفئة الأخيرة، فالبقاء في المجلس معناه الأمانة في خدمة التمثيل لمن وضعهم ولي الأمر للمشاركة، والتعبير عن مطالب الوطن من الجنسين، وليس الهدف من الجلوس على الكرسي، تمرير الأجندات الخاصة.