عين اليوم - السعودية فكر أن تذهب إلى إدارة حكومية أو مجلس لحضور عزيمة وأنت تلبس شماغ لونه بنفسجي، ردة الفعل التي تفكر بها الآن هي التي تخيف فتاة سعودية مثلاً من وضع تاتو "وشم" صغير على جسدها، أو تمنع شاب ولد قبائل من الزواج من فتاة خضيرية، أو تمنع رب أسرة من الإفصاح أنه هو وعائلته يشاهدون قناة إم بي سي، السعوديون كأي شعب في هذه الأرض كائنات عقلانية وليست عاطفية كما يبدو لك، السعودي يفكر ويصنع قراراته اليومية والحياتية بمبدأ الخسائر والمنافع Cost–Benefit Analysis. هناك مقولة شهيرة تُنسب لعالم الإجتماع العراقي علي الوردي تقول "لو تم تخيير العرب بين دولتين علمانية ودينية، لصوتوا للدولة الدينية وذهبوا للعيش في الدولة العلمانية"، هذا يفسر رب أسرة ثلاثيني وسعودي تجده يبدي غضبه الشديد ضد قناة إم بي سي، ولكنه مع ابنائه يشاهد مسلسلات وبرنامج هذه القناة، هذا ليس تناقض بل هو تطبيق عملي لمبدأ الخسائر والمنافع، الأب أو الأم يريدان بث رسائل للجيران والأقارب والمعارف أنهم عائلة محافظة، أن ابنائهم على صراط مستقيم وأن البنات يستحقن الزواج المبكر، رب العائلة السعودي يجد أن مصلحته في الحفاظ على هيبته وسط مجتمعه تكمن في سب والتقليل من قيمة إم بي سي، حتى وإن كان يشاهدها في الخفاء، والأم تحاول إرسال أكبر كم من رسائل واتساب المشبعة بصور حملات مقاطعة إم بي سي وتبيين مخاطرها، حتى وإن كان الفتاة في العائلة تضع صورة الفنان محمد عساف "نجم آراب آيدول في إم بي سي" صورتها الشخصية، ببساطة سلطة المجتمع الطاغية تحدد رأي الفرد وخياراته وليس العكس. تتذكر الحكاية المكررة جدا وهي أن المجتمع رفض تعليم المرأة والجوال الكاميرا وإلخ .. ثم تقبلها، الناقص في الحكاية هو السؤال "من هو الرجل الأول أو المرأة الأولى الذين قبلوا التغيير؟"، مجتمعنا لا يعطي أي ميزة للرواد، رواد التغيير في السعودية يذهبون حرفياً إلى مزبلة التاريخ، فلا أحد يعرفهم، يتم تركهم يواجهون المجتمع وهجومه ومقاطعته، الشخص الأول بالعقل المنطقي لن يحصل على أي منفعة بل بالعكس سيواجه خسائر، لذلك السعودي يحاول أن يكون مشابه للآخرين في التفكير والسلوك، وسيبقى مع الأغلبية التي تقاطع في العلن وتشاهد في السر، ليس لديه أن حس للمبادرة الاجتماعية، أو التفكير خارج السائد، لأن المبادرة وأفكاره الغريبة لا تعني شئ وليس لها قيمة