عين اليوم - السعودية انتهى جوازي وأنا في الخارج، ومن شروط تجديد الجواز كتابة خطاب "معروض" للقنصلية أو السفارة في البلد الذي تكون فيه، فكرة المعروض بالنسبة لجيلي خارج الزمان والمكان، لوهلة شعرت أنني أحد الولاة في خراسان يراسل الخليفة هارون الرشيد في بغداد، كل ما ينقصني هو ريش نعام وقارورة حبر وقطعة من جلد شاه للكتابة وحمام زاجل، كتبت المعروض بالمرفق بالأسفل، وبعد أن انهيت الخطاب اخبرني موظف في القنصلية في نيويورك أنهم أتاحوا خيار تجديد الجواز إلكترونياً بلا خطاب ذلك الأسبوع، لأنهم يريدون تسهيل الأمور على أمثالي من سكان خراسان، المهم أن تجديد الجواز استغرق 80 يوما بالضبط منذ إرسال الطلب إلكترونياً حتى حصولي على جوازي الجديد، المثير للحزن والغرابة ليس هذا الوقت الطويل لتجديد جواز بل هو تحول عصر البيروقراطية الورقية نحو البيروقراطية الإلكترونية، تخيل أن تحكي لأبنائك أنك شاهد عصر على نهاية عهد وبداية عهد جديد. هذا نص المعروض: سيدي سعادة القنصل المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اتقدم إليكم راغباً ومتودداً في تجديد جوازي الأخضر رمز الشرف والإباء والكرامة والخير والسلام، جواز بلادنا المملكة العربية السعودية مهبط الوحي ومهد الحضارة العربية الإسلامية ومنارة العلم، بلادنا نصل السيف ورغد النخلة، منها شع نور هدى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ومنها حمل النساء والرجال مشاعل الحق والنور إلى الكون بأسره، وإنني حين كنت أنهل من علوم الغرب تفاجأت بانتهاء جواز السفر ولا مفر فقلت في نفسي أن حبل الود انقطع وهذا فأل لا يسر، ثم إنني وفي خضم هلع الضياع والإنشغال، ومجاراة قسوة البرد وانحسار روح بلادنا الحرة، وغربة الأشياء حولي تذكرت صاحب الوجه البدر، والكلمات التي تسر، الذي إذا حكم عدل، وإذا أمر حسم، وإذا رأف دعونا له بطول العمر، وطيب العيش وتمام التوفيق، إنه أنت سعادتكم فكلماتكم كانت ولازالت هي البلسم الذي يطبب جروح الغياب ولوعة الغربة، وكلماتك هي ايضاً تلك التي تحثنا على أداء واجبنا نحو رفعة الإسلام أولاً والسعي نحو إزدهار وطننا ثانياً وأن نتعاون مع إخواننا المواطنين الطيبين في بقاع الأرض كما فعل أجدادنا المهاجرين من الجزيرة العربية مع بعضهم البعض في زمن الفتوحات الإسلامية العظيمة. وعليه يا سعادة القنصل يا من تبوأتم هذا المنصب في خدمة أخوانكم المواطنين، هذا هو خطابي لكم للتجديد مرفق معه كل المستندات المتعارف عليها، تعلوها صورتي التي تجعل مني شخصا مفتاحا للخير مغلاقا للشر ومنحازا للحق مناعا للرذيلة، وإني على علم أن معاملتي ستكون بعد عناية الله ودعاء الوالدين في مكانها الصحيح بين أيديكم، والله معكم. والسلام ختام مولاكم سعيد الوهابي من خُراسان