عين اليوم - السعودية 1 هذا المقال سيجلب لي عوار الرأس، لسبب واحد وهو أن البدو وأبناء القبائل سيقرأون العنوان ثم يهاجموني أو في أفضل الأحوال أن يقرأوا المقال ولا يفهمون ما قصدته ثم يهاجموني، تعريفي للبدوي والقبيلي هو "كل إنسان يشعر أنه أغلبية مرتاحة في مجتمعه وبالتالي يفقد الحافز للتطور والإبداع"، الشقيري سيخبرك عن نهضة اليابان وألمانيا ولكنه لن يخبرك أن الشعبين كانا يشعران بمرارة الهزيمة وذل الإنكسار والشعور بعدم الراحة، البدوي/ القبيلي الأغلبية في اليابان وألمانيا شعر بعدم الراحة لذلك تحرك وتغير، يهود العالم شعروا بعدم الراحة وبأنهم مشردون ومضطهدون، في دراسة نُشرت عام 2008 وجدت أن المواطن اليهودي الأمريكي هو الأفضل تعليماً والأطول عمراً والأكثر دخلاً بمعدل يقارب الضعف، في كتابهما The Triple Package الذي نُشر أخيرا يذكر المؤلفان أن النجاح الإجتماعي يقوم على ثلاث ركائز، 1 عقدة التفوق 2 الشعور بعدم الراحة والإستقرار أو الرضا 3 السيطرة على الرغبات والانفعالات، لهذا أقلية المورمون تستحوذ على المناصب العليا في كبريات الشركات الأمريكية، والصينيون والهنود هم أكثر دخل من المواطن الأمريكي الأبيض الأغلبية، البدوي/ القبيلي أو السعودي الأغلبية عموماً لديه قدر جيد من الشرط الأول ولكنه يفتقد الشرط الثاني. قارن الطالب الفلسطيني مع الطالب العربي في كل الدول العربية وستجد أن الفلسطيني متقدم في الرياضيات والعلوم، لماذا ؟ لأنه يشعر بعدم الاستقرار والرغبة في النجاح، في نفس الوقت لك أن تعرف أن أفضل تقنية لأجهزة الأمان تُبتكر وتُصنع في إسرائيل، هناك انطباع يكاد أن يكون حقيقة علمية أن كل أقلية تشعر بالخوف وعدم الراحة في أي مجتمع هي الأكثر ابداعاً، مرت علينا في السعودية مع نهاية الطفرة عام 1987 مرحلة تغيير الأسماء بحيث يتم مسح اسم القبيلة واستبداله بالفخذ أو العائلة لأن الناس وجدوا أن العائلات الصغيرة أكثر نجاح في التحرك الاجتماعي نحو الأعلى من القبائل الممتدة، الأغلبية أياً كانت هي أكبر عائق نحو أي تغيير اجتماعي ثقافي اقتصادي تنموي أو حتى سياسي نحو الأفضل، الأغلبية وتفكير الأغلبية تتحول إلى طبقة إجتماعية عازلة ومتينة ضد أي تغيير، ليس التغيير الذي يمحوا الهوية ويدمر القيم بل التغيير الذي يطور عاداتنا وطرق تفكيرنا ويجعلنا شعبا منتجا، ويجي منه. 2 منيرة تزوجت شعيفان في استراحة "أحلى ليلة" شرق الرياض، راحوا مكة واخذوا عمرة وبعدها سافروا من جدة إلى ماليزيا في "باكيج" عرسان، راحوا برج بتروناس وتصور هو لوحده لأنها التصوير معها عيب، راحوا جزيرة لنكاوي وتسدح على مسبح الفندق وهو يشرب عصير أفوكادو، يرجع شعيفان ومنيرة إلى الرياض ويذهب إلى اخوياه في الإستراحة ويقول الكلمة السحرية "ياخي ماليزيا متقدمين علينا" ويبقى لسنوات يخبر كل من يلتقي عن جمال وسحر ونظافة ماليزيا. يوم 13 مايو عام 1969 كانت أكبر مظاهرة في العاصمة الماليزية قام بها المتعاطفون مع حزب "منظمة اتحاد الملايو الوطنية" UMNO وهم الملايو الذي يشكلون أغلبية السكان، كان احتجاج الملايو أن الصينيين الأقلية يتحكمون في اقتصاد وسياسة ماليزيا، تسببت المظاهرات في هروب رجال الأعمال والمواطنين الماليزيين ذوي الأصول الصينية إلى سنغافورة، قُتل 196 شخص وتشرد الاف الصينيين بعد طردهم من بيوتهم، يصدف أن طبيب مهتم بالسياسة وعضو في حزب UMNO كتب كتاب صغير بعد عام من الحادثة يحلل الأسباب والحلول، فكرة الكتاب تقول بما أن الأغلبية غير راضية عن موقعها الإجتماعي فعليها أن تترك الكسل والإتكالية، بعد نشر الكتاب اتُهم المؤلف مهاتير محمد بالعنصرية والخيانة الوطنية وتأجيج الصراع الإثني، مُنع كتابه وطرد من الحزب، وعندما عاد لتسلم الحكومة بعد عقد كانت فكرة الكتاب هي السياسة العامة خلف كل مافعله، عندما تذهب إلى أي مكتبة في السعودية لتبحث عن سر نهضة ماليزيا لن تجد كتاب The Malay Dilemma الذي كتبه قبل 44 سنة ولكنك ستجد كتب باللغة العربية تمجد مهاتير محمد وماليزيا العظيمة التي يسافر لها شعيفان ومنيرة، صورة ناقصة ومشوهة فلا أحد يبحث عن سنوات الفشل والضياع، ماحدث في ماليزيا هو ثورة اجتماعية عكرت صفو الأغلبية أولاً ثم تبعتها ثورة اقتصادية. 3 العام الماضي نشر موقع قياس قائمة بأفضل المدارس من حيث درجات إختبارات طلاب الثانوية العامة خلال السنوات الثلاث الماضية، أفضل المدارس التي يدرس فيها أذكى الطلاب تقع في الظهرانوالخبر والقطيف على التوالي وليس في الرياض، الطالب القطيفي يشعر بعدم الراحة بحكم أنه أقلية فيزداد طموحه، طلاب الخبروالظهران هم أبناء عائلات تعمل في أرامكو جيل بعد جيل فهي أقلية ايضاً، عام 2007 كانت قائمة الأوائل في الثانوية العامة على مستوى السعودية تحوي 4 أسماء ممن اصنفهم بالبدو والقبائل، بقية الأسماء وهي 80 طالب في القائمة ينحدرون من عائلات صغيرة أو أجانب عرب مقيمون في السعودية، هذه العائلات الصغيرة والعرب المقيمون هنا يشعرون بعدم الراحة كونهم أقلية فيكرسون جهد مضاعف لتربية أبنائهم والإهتمام بهم وبتعليمهم، كل مرة أبحث عن إنجاز مبتعث تجده في الغالب في القالب الذي احدده بالضبط، ينحدر من عائلة ليست أغلبية، هذه ظاهرة اجتماعية أكثر منها تجني وعنصرية. السعودية اغلقت باب الهجرة والتجنيس وبالتالي المزيج الحجازي والقطيفي الذي اثرى الحياة العامة والعمل الخاص والحكومي مهدد بالانقراض، البعض يعول على الابتعاث أن يغير في المجتمع ويسرع في التغير الإجتماعي، لكن ما يحدث مع الإبتعاث هو التالي، هناك فريقان من المبتعثين، الفريق الأول يضم الأغلبية وهم ممن يذهب للخارج، يجاهد للحصول على شهادة في أي تخصص وفي أي جامعة، يقضي أغلب النهار مع مشعل ودحيم، ثم يعود إلى السعودية ويعمل في وظيفة متوسطة، ويصبح له الخارج مجرد ذكرى وسعة صدر، نسبة كبيرة من الموجة الأولى للإبتعاث من هذا الصنف ممن امتصتهم الأغلبية في الثمانينات الميلادية فاختفت ملامحهم وأفكارهم، الفريق الثاني هم أبناء العائلات الغنية أو القلقلة المهتمة بالتعليم بشكل أصيل بحيث تجد الجد والأبن والحفيد بنفس المستوى، هؤلاء لا خوف عليهم فهم يصنعون من انفسهم أقلية تهتم بنفسها جيداً، ينتقي أفضل الجامعات ويستغل إجازات الصيف في برامج تدريبية أو عملية ويعود ويبقى في دائرة التأثير ويحضى بالمناصب جيل بعد جيل. 4 لو أردت أن اختصر المجتمع السعودية في مشهد واحد ستكون الدقائق التي ركضتها السعودية سارة عطار في أولومبياد لندن صيف 2012 .. منذ اللحضة الأولى للإنطلاقة ستجد أن سارة متخلفة عن الجميع، بعد المنعطف الأولى يتجمعن المتسابقات من جميع خانات المضمار ليكونوا حلقة واحدة، بينما سارة بقيت بعيدة عنهم، وكلما مرت الثواني يزداد الفارق وتبتعد سارة وتختفي تدريجياً عن الكاميرات، مع نهاية السباق كان الفارق بين المركز الأول وسارة في المركز الأخير 44 ثانية، هذه هي الوقت الذي يفصلنا عن العالم، حين تشعر الأغلبية في السعودية أنها مهددة ومحاصرة ومتهمة ستتحرك إلى المركز الأول.