مكة أون لاين - السعودية بدعوة كريمة من معالي وزير التعليم العالي الأخ الدكتور خالد العنقري لحضور حفل تخرج بعض المبتعثين في أمريكا فقد تشرفت بالاستجابة لهذه المهمة الوطنية ووصلت العاصمة واشنطن قبل الأمس ظهر الجمعة 23 مايو 2014 وبدأت مباشرة في جدول العمل حيث زرت الملحقية الثقافية السعودية في أمريكا فوجدتها برجا جميلا مشيدا على أرض سعودية، وفيه أكثر من خمسمائة موظف وموظفة لخدمة طلابنا وطالباتنا المبتعثين للدراسة، والتقينا مجموعة من المسؤولين في الملحقية وعلى رأسهم الملحق الدكتور محمد العيسى ومساعدته الدكتورة موضي الخلف ومساعده الدكتور عبدالرحمن السبيل ومديرة قسم البرامج الطبية والعلوم الصحية الدكتورة سمر السقاف، فتفضلوا علينا بمعلومات غزيرة عن عدد المبتعثين الذين بلغوا مائة وخمسة عشر ألف طالب وطالبة مع مرافقيهم والدارسين لحسابهم منتشرين في ولايات وجامعات أمريكا العريقة ويجمعهم مائتان وثمانون ناديا طلابيا. ولكم أن تتصوروا كيف نما عدد المبتعثين في أمريكا من 2500 في 2005 إلى 85000 في عام البرنامج التاسع 2014، وهذا العدد الذي ترعاه الملحقية يفوق نصف عدد المبتعثين السعوديين في العالم حيث بلغوا أكثر من 152000، في حين تتولى الباقي 34 ملحقية عبر العالم، وهذا يعطي أهمية بالغة لمحلقيتنا في واشنطن ومدى المسؤولية الكبيرة على عاتقيها، فضلاً عن التحول من الكم إلى الكيف حيث التفوق والإبداع والتميز والنبوغ، ويكفي أن عدد طلابنا المبتعثين في أمريكا لدراسة الطب وعلومه كانوا في 2010 لا يتجاوزون 600 في حين بلغوا اليوم 4600 ثلثهم من بناتنا والثلثان من أبنائنا، ووجود ما يزيد عن 4500 في أقوى 20 جامعة أمريكية، وتسجيل أكثر من مائتي براءة اختراع للمبتعثين، وبينما تفاخر دول بوجود أحد أبنائها في جامعة هارفارد العريقة فإن السعودية لديها اليوم 26 مبتعثاً ومبتعثة تسري أبحاثهم ومقالاتهم ومشاركاتهم اليومية في شرايين هارفارد، بالإضافة لمائتي طبيب وطبيبة تم قبولهم خلال عامين في برنامج المطابقة الأمريكي وسط منافسة محمومة بين الآلاف من الأطباء الأمريكيين والأجانب في أصعب وأدق التخصصات، ولكم أن تتصوروا وضع بلادنا في جميع المجالات بعد تخرج هؤلاء وعودتهم ليخدموا وطنهم، وفي كل رقم ومعلومة أحصل عليها فأقول جزى الله الملك عبدالله عنا وعن الوطن والمواطنين كل خير فكم أحسن لنا تاريخياً ببرنامجه للابتعاث. وأمس السبت 24 مايو الذي كتبت لكم فيه هذا المقال من واشنطن تم فيه تكريم الطلاب المتميزين وافتتاح معرض يوم المهنة والملتقى الأول لدعم ريادة أعمال المبتعثين حيث إن المتوقع تخرجهم بلغوا 12500 في شتى التخصصات الهامة التي يحتاجها الوطن والمواطنون، منهم 736 دكتوراه، و5669 ماجستير، و118 زمالة طبية، و5403 بكالوريوس في تخصصات هامة يحتاجها سوق العمل الوطني، وحفل التخرج سيكون بإذن الله الليلة الأحد 25 مايو، وغداً الاثنين افتتاح قاعة الملك عبدالله في الملحقية الثقافية. لا أخفيكم أنني أشعر بالفرح الشديد والفخر العظيم حينما أرى هذه الجهود الوطنية لصناعة جيل يفتخر بدينه الإسلامي وقوميته العربية وهويته الوطنية فيعد نفسه علمياً وعملياً ليعود ليخدم وطنه ودينه بما تعلمه وتدرب عليه، وهذا هو الإعداد الحقيقي لصناعة أمة إسلامية قوية لا مجرد شعارات وآمال يتم نقضها بالكسل فضلاً عن خطوات متعجلة ناهيك عن تصرفات متهورة تضعف الأمة وتمكن لعدوها، وهذا الفعل الحضاري هو الإيجابي لاسيما أن السعوديين أعطوا الصورة الحسنة في أمريكا للمبتعث المسلم العربي السعودي بدينه وعروبته وأخلاقه وسلوكه القويم. إذا كنا في داخل الوطن نتصارع على توافه، وفي تويتر نشغل أنفسنا بأمور خجولة؛ فإنه في الوقت نفسه هناك رجال ونساء سعوديون في الداخل والخارج يعملون بجد واجتهاد من أجل أن نكون أفضل وأعز وأقوى، ومع كل ما قيل ويقال في الابتعاث من بعض الموتورين المتطرفين والمزايدين الضالين إلا أن قافلة المجد تسير بلا التفات لهذا أو ذاك ليتفاجأ هؤلاء قبل غيرهم أن الذين واجهوهم هم اليوم الذين يعالجونهم في المستشفيات الوطنية ويطببون نساءهم وأولادهم ويهندسون دنياهم ويخدمونهم في قطاعات الدولة والقطاع الخاص، فمن منا بعد هذه المشاهدات لا يشعر بالفخر لهذه الكوكبة من الوطنيين الشرفاء الذين جاهدوا في سبيل رفعة الوطن واحتسبوا لله لتكون بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول في دنياها ولصالح شعبها والمقيمين على أرضها، ولنعلم أننا إذا قوينا بدنيانا فسوف يقوى بنا ديننا، فالمسلم الجاهل الضعيف ليس كالمسلم العالم القوي. إنني وأنا أكتب لكم هذه الحروف أقلب دليل حفل التخرج وفعاليات يوم المهنة للدفعة السابعة فأشعر بالغبطة والسعادة لكوني سعوديا حيث إن هذا الميدان هو الذي يجب أن نتسابق فيه لنصبح أمة عزيزة قوية منيعة وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.