الحياة - السعودية في عام 1372ه (1952) أنشأ الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - صحيفة اليمامة الأسبوعية، أول صحيفة في المنطقة الوسطى وفي العاصمة (الرياض)، وقد عدها كثير من المهتمين بالحركة الثقافية، ولاسيما الصحافية، مدرسة الصحافة والصحافيين. وأجزم أن الحقيقة والتاريخ سيشهدان على أثر المجلة وتأثيرها في النهضة الثقافية للمجتمع، وعلى مقدار إسهامها في تخريج عدد من روّاد الصحافة الوطنية ورموزها، وكذلك إبراز عدد من رواد البنية الإدارية ورموزها في السعودية من أمثال عبدالله الطريقي - رحمه الله - وعبدالرحمن أباالخيل - أمد الله في عمره - وغيرهما. وإدراكاً من مركز حمد الجاسر الثقافي لتلك الأهمية، طبع في الأعوام الماضية أعداد العامين الأوّلين منها، وهو بصدد طباعة المتبقي تباعاً إن شاء الله، في إسهام من المركز لحفظ تراث مؤسِّسه، وخدمة لمحبي المجلة وللباحثين ولتلامذة العلامة، ومقدّري تراثه الذين تفاعلوا أخيراً مع خبر إيقاف المجلة وكانوا دوماً أوفياء لمجلسه وندواته. في اجتماع الجمعية العمومية لمؤسسة اليمامة الصحفية، الذي عُقد عام 2005، بادرت بطرح مشكلات المجلة وعرضها للمناقشة، لإيقاف تدهورها آنذاك، لكنّ رئاسة الجمعية العمومية ورئاسة تحرير صحيفة الرياض فضّلا عدم الاستمرار في مناقشة حالتها وظهور مشكلاتها أمام مندوب وزارة الإعلام، وهو ما قد يسبب - في نظرهما - حرجاً للمؤسسة، وقد كان ذلك آخر حضور لي لاجتماعات الجمعية، لاعتقادي بأن الهدف الأساسي من الاجتماعات طرح المشكلات ومناقشتها قبل أن تتفاقم، وقد بعثت إلى الإخوة أعضاء المؤسسة خطاباً أوضحت فيه ضرورة النظر جدياً في أمر المجلة، التي كنا نرى أن مستواها وأداءها في انحدار، وكان من رأي هذا المركز أنه كان من الخطأ الانتظار على وضع تحرير المجلة 17 عاماً حتى توقفت. لقد خدم مركز حمد الجاسر الثقافي تاريخ مجلة «اليمامة»، وهي في ظل المؤسسة، استشعاراً منه بالمسؤولية تجاه إرث حمد الجاسر، تمثّل ذلك في طباعة أعدادها السابقة وتوزيعها، وبإصدار كتاب عن كُتّابها جمعه الدكتور عبدالعزيز بن سلمة، كما أقام ندوة حولها، أبرزت قيمتها في رصد الحركة الثقافية في المملكة، في المنطقة الوسطى، ولاسيما في الرياض العاصمة. إن مركز حمد الجاسر الثقافي ليشعر - احتراماً لمنشئ اليمامة المؤسسة، وللمجلة التي يربو تاريخها على 60 عاماً - أن من غير الوفاء من مجلس إدارة مؤسسة اليمامة الصحفية وجمعيّتها العمومية أن يأذنوا بإيقاف المجلة، بل حتى لمجرد التفكير في ذلك، ولاسيما في ظل الأوضاع المالية الميسورة التي تحظى بها، وقد التزموا على مدى الأعوام الماضية بحسن إدارة المؤسسة والحفاظ على أصولها الإعلامية والرأسمالية. وماذا بعد؟ هل ستتحوّل مؤسسة اليمامة الصحفية إلى اسم آخر في حال توقّف المجلة «الأساس» في التسمية؟ لقد نهض الشيخ العلامة حمد الجاسر بهذه المؤسسة الصرح قبل 50 عاماً، وأنشأ المجلة قبل 60 عاماً، وأتى من بعده من أتى، وغادرها من غادر، وسيظل اسم المؤسس هو الذي يشار إليه بالبنان، عندما تُذكر المؤسسة وتاريخها.