مكة أون لاين - السعودية أين الأولويات؟ سؤال يطلقه في وجهك كل رافض لفكرة تنادي بها، ولا يريد أن يكون شجاعا ويرفض الفكرة ذاتها فيتذرع بالأولويات، فمثلا إذا قلت مكنوا المرأة من ممارسة حقوقها الطبيعية الإنسانية، قال أيهما أولى معالجة مشاكل الفقر والبطالة والإسكان أم حقوق المرأة؟ وهذا ماحدث بالضبط مع إقرار مجلس الشورى لرياضة البنات في المدارس، فمع أنه حق طبيعي إنساني لم يكن بحاجة لعرضه على مجلس الشورى ولا غيره، إلا أنه حتى بعد أن أقره المجلس ظهرت أصوات رافضة لهذا الحق، وهذه الأصوات التي ترفض بوضوح لا مشكلة معها، فهذه قناعتها التي تعبر عنها، والتي لن يجبرها أحد على تغييرها، لكن المشكلة مع أصوات متلونة لا تجرؤ على التعبير عن رفضها بوضوح، أو هي بدقة أكبر لا قناعة محددة لديها، وإنما هي من تلاميذ وجماهير الرافضين، لكنها تخشى التعبير بوضوح، فتلجأ إلى التذرع بالأولويات، حيث قرأت لكثيرين في مواقع التواصل الاجتماعي وهم يلومون مجلس الشورى على إقرار حق البنات في الرياضة، من باب أن الأولى بالمجلس أن يهتم بشؤون أهم مثل الإسكان والبطالة ونحوهما، وحين يتساءل أحد عن رأيه في الموضوع نفسه يروغ مرة أخرى ويقول إنما قصدت أن هناك ما هو أولى وأهم منه. حديث الأولويات لن ينتهي، وما هو أولوية عند زيد قد تكون مرتبته متأخرة عند عمرو، لكن هناك حقوقا طبيعية إنسانية بديهية لا تحتاج نقاشا ولا جدلا، وهذه الحقوق يجب أن تكون خارج تراتبية القضايا الشائكة التي تحتاج بحثا ونقاشا، لأنها حقوق بديهية عند كل ذي عقل بعيد عن كل غرض نظيف من الأدلجة، وهذا ما يجب أن يفهمه أصحاب نغمة الأولويات التي يحاولون التستر بها على تبعيتهم لفكر يرفض الحياة الطبيعية، ويتوق إلى استعباد الناس باسم فكر مغلوط عن الدين، والبحث عن ذرائع تفضي إلى تأييده وتكريسه مثل ذريعة الأولويات.