مال - السعودية ما إن يوصف أحد الأشخاص بالعصاميه إلا ويرد إلى الذهن بيت الشعر المشهور الذي قاله الشاعر الجاهلي النابغه الذبياني: نَفْسُ عصامٍ سوّدَتْ عِصامَا علمتهُ الكرّ والإقداما وصَيّرَتْهُ مَلِكاً هُمَامَا حتى علا وجاوزَ الأقواما لقد كان عصام بن شهبر الجرمي حاجب النعمان بن المنذر مضرب مثل في عصامية النفس بلغت به هِمَّته أن نال ذُرا المجد، وتربَّع على عرش الفصاحة والبلاغة، وعُدَّ من أعلام العرب أيام الجاهلية رغم أنه لم يكن من كبار القوم ولم يكن من أبناء ذوي الحظوه. وفي المثل "كن عصاميا، ولا تكن عظاميا"، حيث يقال: إنه وُصِفَ عند الحجاج رجلٌ بالجهل، وكانت إليه حاجة، فقال في نفسه: لأختبرنَّهُ، ثم قال له حين دخل عليه: أعصامياً أنت أم عظامياً؟ يريد أشَرُفْتَ أنت بنفسك أم تفتخر بآبائك الذين صاروا عظاماً؟ فقال الرجل: أنا عصامي وعظامي، فقال الحجاج هذا أفضل الناس، وقضى حاجته، وزاده، ومكث عنده مدة، ثم فَاتَشَهُ فوجده أجهل الناس، فقال له: تصدقني وإلا قتلتك، قال له: قل ما بدا لك وأصدقك، قال: كيف أجبتني بما أجبتَ لما سألتك عما سألتك؟ قال له: والله لم أعلم أعصامي خير أم عظامي، فخشيت أن أقول أحدهما فأخطيء، فقلت: أقول كليهما، فإن ضرني أحدهما نفعني الآخر . العصاميّ في عصرنا هو الشخص الذي يحصّل تعليمه وثقافته بالاجتهاد الشخصي معتمداً في ذلك على نفسه بعد الله عز وجل وعلى قوة إرادته وعزيمته الصادقة في الوصول إلى هدفه المنشود وبناء ذاته وتكوين شخصيته وصياغة مستقبله ، وما أجمل أن لايكون اتِّكاليًّا على غيره من أبٍ أو أمٍّ أو قريب أو غيرهم في تأمين حاجاته، وتلبية رغباته، وتنفيذ مشاريعه وخُططه، ومن دون أن يكون معتمدًا على الآخرين في حلِّ مشكلاته والتغلُّب على الصِّعاب التي تواجهه في هذه الحياة. العصاميه اليوم تبرز من خلال تتبع مسيرة الكثير من رجال الدوله وكذلك كثير من المبدعين في المجالين التعليمي والطبي ، وبدون شك أنها تتجلى في قصص الناجحين في قطاع الأعمال بشكل أوضح، والشواهد على ذلك كثيره فكم من رجل بدء حياته موظفاً بسيطاً وبلا مؤهل علمي ثم واصل تعليمه ليتحصل على أعلى المؤهلات ويتدرج في سلم الوظائف حتى يصل إلى قمة الهرم الوظيفي في الدوله ومنهم من أصبح من الوزراء أو من كبار المسئولين، وكم من رجل بدء حياته عاملاً بسيطاً وبلا أي رأس مال ثم نجده أصبح من أثرى الأثرياء بعزيمته وإصراره بعد توفيق الله عزوجل. الخلاصه أن من يريد النجاح يجب عليه أن يجد ويجتهد وأن يكافح وأن يكون ذا عزيمه ويضع أمامه الهدف الذي يريد الوصول إليه بغض النظر عن وضعه الحالي ، وقد قيل في هذا السياق: ومن طلب العلا من غير كدٍ أضاع العمر في طلب المحالِ