الوطن - السعودية "قرأت لائحة نظام الحماية من الإيذاء "الموؤودة"، وتذكرت رفع "نزاهة" بأسماء القطاعات غير المتعاونة معها، ومر أمامي شريط من المعنفين والمعنفات القتلى الذين لم تتعاون لأجلهم القطاعات المختلفة مع وزارة الشؤون الاجتماعية حتى قضوا نحبهم" أصدرت وزارة الشؤون الاجتماعية أمس اللائحة التنفيذية لنظام الحماية من الإيذاء، التي تأخر إصدارها ثلاثة أشهر عما هو منصوص عليه في النظام، تم خلالها مقتل ريم ابنة الثالثة عشرة على يد والدها بمنطقة عسير في جريمة إغفال جديدة تتحملها الوزارة والقطاعات المعنية التي رصدت وسجلت جميع علامات التحذير التي صرخ بها جسد ريم وغيابها عن مدرستها عاما كاملا، إلى أن وصلت جثة هامدة لم يشفع لها كونها مواطنة أي حراك. ريم لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، بدلالة اللائحة التنفيذية لنظام الحماية من الإيذاء الذي تم وأده في مهده البارحة. نصت اللائحة التنفيذية في الفقرة الأولى للمادة الرابعة على أن ينشأ مركز لتلقي البلاغات يقوم باستقبال البلاغات من كافة مناطق المملكة عن حالات الإيذاء، سواء من الأشخاص أم من الشرطة أم من غيرها من الجهات العامة أو الخاصة، ويقوم "بعد التأكد من هوية المبلغ" بتوثيق البلاغ وحصر بيان مرفقاته إن وجدت، و"لا تقبل البلاغات من مجهولي الهوية"! أما الفقرة السادسة للمادة الثامنة فتنص على أن يتم إيواء الحالة أو استضافتها وفقا للشروط التالية: بأن يقتصر على المرأة والطفل دون سن الثامنة عشرة، وأن تكون الحالة قد تعرضت للإيذاء المنصوص عليه في النظام ولائحته التنفيذية و"تعثر إيواؤها لدى أسرة بديلة من أقاربها"!.. إلى نهاية الفقرة. قرأت لائحة النظام الموءود بحسرة وأنا أقارنها بنظيرتها في المملكة المتحدة وخطها الساخن الذي يعتز بميزة البلاغات المجهولة بل ويعلن عنه ويشجع على استخدامها من دون الاضطرار إلى تزويد الخط الساخن بأي وثائق ثبوتية في دلالة على جدية الدولة في التعامل مع الإيذاء بتفعيل سياسة عدم التسامح مع العنف حتى وإن كلفهم ذلك بعضا من الجهد للتأكد من البلاغات، فهو مواطن بريطاني وله حقوق مكفولة وأهمها الحماية. قرأت لائحة النظام الموؤود وتذكرت توأمه في آلية التبليغ لنظام هيئة مكافحة الفساد، وعلقت غصة في حلقي لمصير نظام الحماية من الإيذاء، وأنه سيصبح كنزاهة مجرد برنامج توعوي عن مكافحة الفساد.. سيصبح برنامجا توعويا عن الإيذاء. قرأت لائحة النظام الموؤود، وتذكرت رفع "نزاهة" بأسماء القطاعات غير المتعاونة معها، ومر أمامي شريط من المعنفين والمعنفات القتلى الذين لم تتعاون لأجلهم القطاعات المختلفة مع وزارة الشؤون الاجتماعية، حتى قضوا نحبهم، وتم تقييد قضايا جرائم الإغفال هذه ضد مجهول. قرأته وتذكرت تخلي هيئة مكافحة الفساد عن المواطن الذي قام بتقديم هويته للإبلاغ عن فساد بأحد أكبر الشركات لدينا، لتدير ظهرها له وتطالبه بالتظلم أمام الجهات المختصة، مع أن مواد نظام هيئة مكافحة الفساد تنص على حماية هوية المبلغ كنظيرتها في الحماية من الإيذاء. هل هذا سيكون مصير من تتقدم بالبلاغ ضد قريبها الذي يعنف أطفاله، ومن ثم يتم تركها له ولقبيلته وعشيرته ليتم الأخذ بثأره منها، وتصبح هي ذاتها ضحية إيذاء أخرى وكله بسبب تقديم هويتها؟! هل تعجز وزارة الشؤون الاجتماعية والقطاعات المختلفة، خاصة وزارة الداخلية، التي ستتعاون معها بالتعامل مع البلاغات عن بذل القليل من الجهد للتأكد من صحة البلاغ وعدمه من دون الحاجة لإلزامية تقديم المبلغ لهويته؟! لماذا تستقبل وزارة الداخلية البلاغات التي تتعلق بالمسائل الأمنية الخطيرة وعمليات الإرهاب وتترك الحرية للمبلغ بكشف هويته الشخصية من عدمها، وتعجز عنه مع وزارة الشؤون الاجتماعية في حالات الإيذاء وهو عين الإرهاب المجتمعي؟! أُشبع هذا النظام دراسة وتحليلا كملف عالق بالأمم المتحدة، واعتقدنا بسذاجة أن لائحته التنفيذية ستعكس دراسات العقود ومداولاتها متجاوزة العقبتين الأساسيتين وهي البلاغات والإيواء، ويا لسذاجتنا فقد عدنا لنقطة الصفر، فلا بلاغات من دون هوية، ولا إيواء إلا بعدم وجود إيواء أسري من الأقارب!. تم وأد نظام الحماية من الإيذاء بدفنه في لائحته التنفيذية التي عكست جليا عدم جدية وزارة الشؤون الاجتماعية في مكافحة وباء الإيذاء. تم وأد نظام الحماية من الإيذاء في مهده، والأرواح التي تساقطت لأجله تحوم فوق رؤوس من أقر لائحته التنفيذية ولا عزاء لنا.