الحياة - السعودية لا أعرف أي حظ هذا الذي يلقاه المتحرشون جنسياً في السعودية، فهم في كل دول العالم وشعوبها - مؤمنين أو كفاراً أو حتى بلا ديانة - منبوذون ومجرمون مطاردون، ولا يجدون من يحميهم أو يدافع عنهم، بل إنهم يتلقون أقسى العقوبات وأشدها صرامةً، حتى في أكثر الدول حريةً وانفتاحاً. ففي كل دول العالم تبرز جمعيات مدنية لحماية الورد أو الطيور أو الفراشات أو المعالم التراثية، وتنشأ على هامشها جماعات ضغط من أجل حماية وترسيخ تلك القيم الإنسانية. لكن أن تنشأ عندنا نحن السعوديين جماعات تحارب وتقاتل وتدافع عن حق المتحرشين جنسياً، ونحن من ملأنا العالم كله بضجيج فضيلتنا ورجولتنا، وتكريمنا للنساء، فالمرأة هي «الدرة» و«الملكة» و«الفستقة»، ملقين باللوم كله على تلك «الدرة» وهي من وقعت عليها الجريمة، فهذا فيه قلب لميزان الحق والعدل. إذ خرج علينا ما يمكن أن يطلق عليهم «حزب المتحرشين»، وهذا الحزب يتكوّن من بعض المطلقات والعوانس، أو ممن يحرِّمن خروج الأم مع ابنها إلى الأسواق، مضافاً إليهن بعض الذكور من المرضى النفسيين ممن يحرِّمون جلوس البنت مع أمها إلا بمحرم، أو من يحرِّمون الاختلاء بالشاب الوسيم الأمرد. مهمة هذا الحزب «الشاذ» الدفاع باستماتة عن المتحرشين، ويرفضون تجريمهم، بل يوجّهون التهم إلى الأبرياء من الأطفال والنساء، بأنهم السبب الذي يدفع المتحرش إلى الاعتداء عليهم جنسياً، إما بسبب خروجهم للشارع والعمل، أو لبسهم، إلى آخر تلك الحجج الواهية التي تدافع عن السلوك المشين، لتبرر بقاء سلطتهم على رقاب النساء. ومن يعرف أسواق الغرب وشوارعه جيداً يعلم أنه لا يجرؤ أحد على التفوه بكلمة سوء، فما بالكم بسلوك إجرامي تجاه أي امرأة عابرة لطريقها حتى في الأوقات المتأخرة، خوفاً من العقوبات الصارمة والقاسية. ويُعرّف التحرش الجنسي بأنه مُضايقة أو فعل غير مرحّب به من النوع الجنسي، ويتضمن مجموعة من الأفعال من الانتهاكات البسيطة إلى المضايقات الجادة التي من الممكن أن تتضمن التلفظ بتلميحات جنسية أو إباحية، وصولاً إلى النشاطات الجنسية. ويعتبر التحرش الجنسي من أشكال التفرقة العنصرية غير الشرعية، ومن أنواع الإيذاء الجسدي (الجنسي والنفسي) والاستئساد على الغير، «نقلاً عن ويكيبيديا». ما سبق هو التعريف العلمي والعالمي للتحرش الجنسي الذي طالب بتجريمه الكثير من الأسوياء السعوديين، وحاولوا استصدار أنظمة للحد منه ومعاقبة مرتكبيه. نحن في حاجة ماسة إلى استصدار قانون رادع لهؤلاء المجرمين ومن يدافع عنهم، وإلاّ سيأتي اليوم الذي نرى فيه المتحرشين مثل المثليين في الغرب، لا يطالبون بعدم تجريمهم فقط، بل بتشريع ما يفعلونه، وتحويله إلى حق مكتسب، بسبب «أجندة» المدافعين عنهم في حقنا وحق مستقبلنا. [email protected] massaaed@