اليوم - السعودية من الواضح أن هنالك تركيزا غير عادل من هيئات ومنظمات حقوق الإنسان الدولية على دول الخليج، وكأنه لا يوجد في العالم إلا دول الخليج. فعلى سبيل المثال: كتب عن المملكة العربية السعودية حوالي مائة تقرير، وعن مملكة البحرين مائة وعشرون تقريرا، بينما لم يكتب عن إسرائيل وبعض الدول التي لديها مخالفات حقيقةٌ وواضحة تقرير واحد. فالغرب يضرب -أحيانا- على وتر حقوق الإنسان؛ لتحقيق مصالحه الشخصية. فقد تصدر تقارير من الهيئات والمنظمات الحقوقية العالمية ضد دول المنطقة -فقط- من باب تأجيج الخلافات الدينية والمذهبية، هذه القرارات غطاء لتشجيع وتأجيج الخلافات. لكن النسيج الخليجي يختلف تماماً عن نسيج دول الاتحاد السوفيتي السابق مثلا، يختلف حتى عن النسيج الأوروبي. دول الخليج دول متجانسة في العرق واللغة والدين والمذاهب والعادات والتقاليد، وهذا يعطيها فرصة كبيرة جداً لتحقيق النجاحات في مختلف الميادين. كما أنه أصبح واجب عليها أن تكون كالجسد الواحد؛ للدفاع المشترك عن مصالحها، ومن طرق الدفاع هي وسائل الإعلام بطبيعة الحال. أعتقد أن الوقت قد حان كي تضع دول التعاون الخليجي إستراتيجية واضحة للدفاع عنها، ولإظهار الحقائق. كما أنه يجب أن يكون هناك قواعد بيانات مشتركة للعاملين في مجال حقوق الإنسان؛ كي يتم التنسيق فيما بينهم ليتسنى الدفاع وبشكل جماعي، وعرض ما تم انجازه في مجال حقوق الإنسان، وقد تكون فرصةٌ كبيرةٌ بأن يكون هذا التعاون والتنسيق من خلال الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. فهذا جزء من طبيعة العمل المشترك بين الدول، فعلى سبيل المثال: دول الاتحاد الأوروبي لا تسمح لأحد بان ينتقد دولة بعينها، وإن حصل ذلك تجدهم جميعهم يهبون للدفاع عن الدولة العضو في الاتحاد. هذا ما يجب أن يكون عليه الحال في دول مجلس التعاون، وخصوصاً في الفترة الحالية. لذا، أرى بأن يكون هناك تنسيق واضح وممنهج فيما بين المجالس الشورية والبرلمانات والجامعات ومؤسسات المجتمع المدني وهيئات الحقوق؛ للدفاع عن قضايانا، وخصوصاً في الغرب، ومن خلال المنظمات الحقوقية المتشابهة. فبعض دول مجلس التعاون مثل المملكة العربية السعودية لها وزنها الدولي، وتستطيع فرض نفسها من خلال المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، وهذا ما نلمسه من جهود موفقة في هذا السبيل، فقد تمكنت وبتضافر الجهود من الدول الأخرى لتعديل بعض الأفكار المغلوطة، وتصحيح بعض القرارات الخاطئة. كما ذكرت آنفا أنه يجب التحرك والتنسيق من خلال الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربي، ويجب أن نسعى لكي نكون مشاركين أو أعضاء أساسيين في المنظمات العالمية لحقوق الإنسان وغيرها من المنظمات ذات العلاقة. هذا يجعلنا قريبين من القرارات ونستطيع المشاركة أو التعديل فيها قبل أن تصبح واقعا. ولكي أكون منصفا، فإن تقارير بعض المنظمات الدولية قد تكون في مكانها، وفي هذه الحالة يجب أن نتجاوب معها بما يحقق مصلحة دولنا ومواطنيها. حيث إن حقوق الإنسان نابعة من عاداتنا وتقاليدنا وديننا الإسلامي الحنيف، ويجب أن نكيف أنفسنا والآخر على ما لدينا من كنوز وأنظمة تخدم الإنسان، بل نخدم المجتمع الدولي بما لدينا. ولكن أحياناً حقوق الإنسان حق يراد فيه باطل، وقد أصبحت جزءا من السياسة الدولية، ويجب التعامل معها باحترام وحكمة عندما تكون حقاً، وبفطنة وسياسة رشيدة عندما تكون باطلا. لذا أدعو أن تتعاون منظمات حقوق الإنسان في دول مجلس التعاون مع مثيلاتها في الاتحاد الأوروبي؛ لتقريب وجهات النظر فيما بينها، كما أن البرلمانات الخليجية لها دور كبير وفاعل لا يستهان به في تصحيح المفاهيم المخلوطة من قبل المنظمات العالمية، لأن معظم التقارير التي تصدر عن هذه المنظمات مسيسة. وفي الغالب يتهمنا الغرب بأننا لا نسمح بحرية التعبير، نحن أمة تختلف عن سائر الأمم. فهم لا يستطيعون أن يطبقوا ما لدينا من ثوابت وقوانين أساسية تسير حياتنا اليومية، مبنية على تشريعات سماوية لا يمكن التنازل عنها بأي حال من الأحوال، فلا يمكن أن يتم تطبيق ثوابتنا على مجتمعات أخرى؛ لأنها لا تناسبها. نحن كذلك كل ما لدى الغرب من أنظمة أو تشريعات لا يمكننا تبنيها او تطبيقها. حرية التعبير في دول الخليج العربي محكومة بثوابتنا الدينية وعاداتنا وتقاليدنا. هنالك خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها وخصوصاً التعرض لرموزنا الإسلامية الخالدة، مثل الأنبياء، أو التعرض للرموز الوطنية فهذا جزء من ديننا وشريعتنا وثقافتنا وهي رمز هويتنا. على النقيض عندما تتعرض لمسئول في الغرب مهما على منصبة فإنك لا تسقط هيبة الدولة، لأنه ليس رمز النظام، يمثل جزءا بسيطا من مجموعة أنظمة متداخلة. بينما في العالم الإسلامي وعلى وجه الخصوص دول مجلس التعاون وجميع الدول والخلافات الإسلامية منذ أكثر من ألف وأربع مائة سنة، الحاكم هو رمز وهيبة الدولة. كذلك بعض الثوابت العقائدية والدينية يجب عدم التعرض لها. على أيه حال، الديمقراطية التي حصلت عليها دول مجلس التعاون، يجب أن تشكر نظراً للفترة الزمنية القصيرة لهذه الأنظمة مقارنة بالدول الغربية، ولكن عندما تتعاضد الحكومات مع مؤسسات المجتمع المدني ومع مؤسسات حقوق الإنسان في دول المجلس؛ فإنه يعطيها قوة ومصداقية لأنظمتها وقراراتها التشريعية. حيث إن الخلط بين الأنظمة والتجاوزات الفردية قد تسيء لنا وتعطي الآخر صورة ذهنية مشوشة. كذلك يستغل الغرب موضوع حقوق المرأة، وهذا الموضوع يطول، والصورة النمطية لدى الغرب يصعب تعديلها؛ لأنها مسيسة ويراد بها تشويشا، لكن المرأة في الخليج لها حقوقها واحترامها، بينما في العالم الآخر تستخدم المرأة للدعاية وللجنس كما أنها تنتهك حقوقها والإجهاض خير مثال. كما أنها تعرض للإهانة وهي رمز للرذيلة. والمرأة في الغرب تختلف عن المرأة في الإسلام، هناك بدأ بتصحيح مفاهيم خاطئة عن المرأة وكيف كانت تنظر لها الكنيسة، أما بالنسبة للمرأة المسلمة بصفة عامة والمرأة الخليجية بصفة خاصة، فإنها كانت ولا تزال في قمة التكريم، فهي مكرمة منذ أن أرسل الحبيب محمد -صلى الله عليه وسلم- برسالة الإسلام، كانت خديجة أول الناس وأقرب الناس لنبي الأمة، وقد شاركته وأشارته. كذلك زوجات الحبيب محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- كن مصدرا من مصادر التشريع، لهن أحاديث في السيرة أصبحت تشريعا، ولهن حبهن واحترامهن عند المسلمين، وهن قدوة بصفتهن أمهات المؤمنين. لا يمكن أن تجد لهذا التعبير مثلا في أي من الأمم الأخرى. المرأة في ديننا مكرمة كأم وأخت وبنت وغير ذلك. في مجال التوظيف مثلا تجد في بعض الدول الغربية اختلافا بين أجر المرأة والرجل لنفس مجال العمل، فهي في الغالب أقل أجرا من الرجل، بينما نحن لا نفرق أبدا في الأجور بين الرجال والنساء، والمجال العلمي والطب مثالاً يحتذى به في دول الخليج. بل لديها إجازات تصل إلى 3 سنوات تتواءم بخصوصية المرأة، كما أنها لا تفصل تعسفيا كما هو الحال في الدول الغربية. إجازات المرأة في هذه الدول غير كافية، ولا تفي بخصوصيتها كامرأة. موضوع المرأة يطول والصورة النمطية لدى الغرب يصعب تعديلها؛ لأنها مسيسة ويراد بها تشويش السمعة أو الحصول على مكاسب سياسية. نعلم أن تاج الأسرة هي الأم والجدة، كما أن المرأة جوهرة يجب الحفاظ عليها؛ لأنها هي مزرعة الأجيال ومربيتهم، ومصدر عزة الأمة وحفظ نسبها.