الاقتصادية - السعودية يشير آخر تحديث لتقديرات صندوق النقد الدولي عن الأوضاع الاقتصادية العالمية إلى تحسن ملحوظ في معدلات النمو في النصف الثاني من عام 2013م. وأدى هذا التحسن إلى رفع تقديرات نمو الاقتصاد العالمي لعامي 2014 و2015 إلى 3.7 في المائة، و3.9 في المائة على التوالي. وستأتي الزيادة في معدلات النمو بصورة أساسية من ارتفاع معدلات نمو الاقتصادات المتقدمة من 1.3 في المائة في عام 2013م إلى 2.2 في المائة، و2.3 في المائة في عامي 2014 و2015. أما اقتصادات الدول الصاعدة والنامية فمن المتوقع أن ينشط نموها بصورة محدودة، حيث سيرتفع معدل نموها الإجمالي من 4.7 في المائة في عام 2013م إلى 5.1 في المائة، و5.4 في المائة في عامي 2014، 2015م. وسيأتي التحسن في اقتصادات الدول الصاعدة والنامية من ارتفاع الطلب على صادراتها من قبل الدول المتقدمة وليس من زيادة نمو الطلب في اقتصاداتها المحلية. وسيرتفع معدل النمو في الولاياتالمتحدة من 1.9 في المائة في عام 2013م إلى نحو 2.8 في المائة في عام 2014م. وسيأتي التحسن في معدل النمو الأمريكي من زيادة الطلب الخاص، الذي سيعوض جزءا من تراجع الطلب الحكومي الناتج من القيود المفروضة على الإنفاق، التي ستحد من معدلات النمو في العام التالي، حيث سيبلغ معدل نمو الاقتصاد الأمريكي نحو 3 في المائة في عام 2015. من جهةٍ أخرى، بدأ مجلس الاتحاد الفيدرالي بالخروج التدريجي من سياسة التيسير الكمي، ما سيقود إلى رفع معدلات الفائدة طويلة الأجل على السندات الحكومية ويرفع معدلات الفائدة طويلة الأجل على القروض. وارتفاع معدلات الفائدة طويلة الأجل وقصيرة الأجل سيرفع من معدلات العائد على احتياطيات المملكة، مما سيوفر مزيداً من الدخل للإيرادات العامة في المملكة. من جهةٍ أخرى، فإن ارتفاع معدلات الفائدة طويلة الأجل في الولاياتالمتحدة سيعيد تدفق رؤوس الأموال إلى الأسواق الأمريكية وستتراجع تدفقات رؤوس الأموال للأسواق الصاعدة والنامية، الذي بدأ بشكل فعلي خلال الفترة القصيرة الماضية. وقاد الإعلان عن بدء الخروج من سياسات التيسير الكمي إلى تراجعات في أسواق المال في الدول الصاعدة وتراجع في معدلات صرف الكثير من عملات هذه الدول. وأدت هذه التطورات إلى زيادة الضغوط على السياسات المالية في الدول الصاعدة والنامية. وتعتبر المملكة من الدول السعيدة الحظ التي خفضت ديونها الحكومية في أوقات الرخاء، ما سيجنبها أي تبعات سلبية للانسحاب من سياسة التيسير الكمي على سياستها المالية. أما منطقة اليورو فمن المتوقع أن تتلاشى معدلات النمو الاقتصادي الضحلة التي كانت في حدود - 0.4 في المائة في عام 2013، وتتحول إلى نمو اقتصادي محدود يقارب 1 في المائة في عام 2014م، ومن المتوقع تحسن معدل نمو منطقة اليورو الاقتصادي في عام 2015م إلى 1.4 في المائة. أما أبرز ما ستشهده معدلات نمو الاقتصادات الصاعدة فهو تراجع معدلات النمو في الصين من المعدلات التاريخية المرتفعة السابقة إلى معدلات النمو المستهدفة الذي ستبلغ 7.5 في المائة، 7.3 في المائة في عامي 2014، و2015. أما الاقتصاد الهندي فسيشهد بعض التحسن في عامي 2014 و2015، حيث سيرتفع إلى 5.4 في المائة، 6.4 في المائة على التوالي. وبنيت كل معدلات النمو السابقة على أساس القوة الشرائية المعادلة، أما معدلات النمو المبنية على أساس أسعار الصرف القائمة في السوق فستكون مختلفة بعض الشيء، حيث سيتراجع بموجبها معدل النمو العالمي إلى 3.1 في المائة، 3.4 في المائة في عامي 2014 و2015 على التوالي. وجاء هذا التراجع بسبب تراجع الأهمية النسبية لاقتصادات الدول الصاعدة والنامية عند احتساب النمو على أساس أسعار العملة في الأسواق العالمية. وسيقود التحسن المطلوب في النمو الاقتصادي العالمي إلى رفع الطلب على النفط بصورة عامة. ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على نفط "أوبك" عن التقديرات المتشائمة السابقة. ورفعت منظمة الطاقة العالمية أخيرا تقديرات الطلب على نفط "أوبك" بنحو 200 ألف برميل في عام 2014م، وقدرت أن يصل إلى نحو 29.4 مليون برميل في اليوم خلال عام 2014م. وتلعب المملكة دوراً محورياً ورئيساً في منظمة الدول المصدرة للنفط ولهذا ستكون المستفيد الرئيس من هذه التطورات. ومن التقديرات التي تصب في مصلحة المملكة تقديرات صندوق النقد الدولي بأن أسعار النفط لن تنخفض تحت مستوى المائة دولار في عام 2014, وكذلك تقديرات وكالة الطاقة الدولية بألا يتجاوز الانخفاض في الطلب على نفط "أوبك" 700 ألف برميل في عام 2014. وستصب صحة هذه التقديرات في مصلحة المملكة، حيث لن تكون مضطرة لإجراء تخفيضات كبيرة في كميات الصادرات النفطية للمساعدة على بقاء الأسعار فوق عتبة المائة دولار. وفي حالة تحقق هذه التقديرات فإن الإيرادات النفطية ستمكن المملكة من الاستمرار في تحقيق فائض مالي ولو بسيط في عام 2014، كما ستتجاوز النفقات الفعلية تقديرات الميزانية للعام نفسه، بل ستتجاوز مستويات إنفاق عام 2013م الفعلية المرتفعة. وستدعم التطلعات المالية المتحسنة الناتجة عن زيادة معدلات النمو العالمية نمو اقتصاد المملكة في عام 2014.