الوطن - السعودية ليس من التناقض أن يكون مسمى وظيفتك "متحدث" وأنت أكثر شخص يلتزم "الصمت"..! لاختيار المتحدثين الإعلاميين شروط عدة تختلف باختلاف مدير كل إدارة، لكني أعتقد أن الشرط المشترك في أغلب الإدارات هو: أن يكون المتحدث "صموتا"، لا يتحدث حتى في أثناء وقت العمل، وفي نظر "كثير" من مؤسسات الدولة "الصامت" هو أفضل من يكون لسانا لها.. هذا ما ضحكت منه المذيعة سهير القيسي في نشرة الرابعة على قناة العربية، حين علقت على قرب تدشين وزارة الإعلام لمنصة المتحدثين الإعلاميين. فقالت سهير ضاحكة: كيف يكون متحدثا وصامتا؟ قلت: هذه ليست رغبة "المتحدثين" بل شرط التعيين في المنصب، فكثير من المسؤولين يريد متحدثا لا يتكلم إلا حين يتكلم هو، وكثير منهم حول المتحدث الإعلامي إلى "سكرتير" له، ينقل كلامه بلا تصرف إلى الصحفيين، ويطلب نشره بلا تصرف، وبعض المسؤولين حوله إلى "عاطل" براتب..! كصحفي كنت أفهم أن المتحدث أو الناطق هو همزة الوصل بين الإدارات الحكومية وبين الإعلام الذي يصلها بالمواطنين، إلا أنني أرى اليوم كثيرا من الألسن تسيء لإدارتها: بالتكتم وتغييب المعلومة وتجاهل استفسارات الإعلاميين. كل وسيلة إعلامية تتواصل مع المتحدث الإعلامي تقدم خدمة لتلك الإدارة بأن تطلب رأيها ولا تنشر خبرا دون التثبت.. والغريب أن يرفض بعض المتحدثين التواصل، ويفرط بفرصة تجميل وجه إدارته. عدة وزارات لم توفق في اختيار "لسانها".. منها وزارة العمل رغم حضورها في الفترة الأخيرة بحملة التصحيح، ووزارة الخارجية التي لسانها "صامت"، لذلك أغلب بياناتها تخرج بصرح مصدر مسؤول.. وزارة التربية والتعليم التي تختار "متحدثيها" من الإعلاميين، لكن تنعقد ألسنتهم.. وزارة الخدمة المدنية التي تحتاج إلى لسان يمتلك لياقة ليتواصل. (بين قوسين) ما الجديد الذي ستقدمه وزارة الثقافة والإعلام بتدشن منصتها الإعلامية للمتحدثين الإعلاميين، في وقت لا يحتاج الطفل إلا لدقيقة ليمتلك منصة إعلامية خاصة به عبر "تويتر" و"فيس بوك" و"انستقرام"..! إذا كانت وزارة الإعلام لا تستطيع معاقبة من لا يتجاوب مع الإعلاميين، بينما تحاسب الإعلامي الذي ينشر معلومات مغلوطة في ظل تكتم المتحدث الإعلامي.. فمنصتها بلا فائدة؛ لأنها جاءت في عصر "تويتر"؛ ولأنها بلا صلاحيات، ولو كانت المنصة في وقت سابق لكانت إنجازا عظيما..!