اليوم -السعودية الالتزام خلق إنساني رفيع، لأنه يحدد قوة الشخصية وتوفر الطاقة الضرورية للفرد للحفاظ على وضع إيجابي يتوافق مع قناعاته ويقدمه بصورة متزنة ومتوازنة ومؤثرة، فالناس لا يحبون الذين يتقلبون ويتحولون ويترددون، وكلما كان الشخص على مسار واحد ويتجه فيه إيجابيا فإنه جدير بالاحترام وقابل للثقة والتطور والتعاون مع الآخرين، أما الذي لا يلتزم فإنه يكشف عن كثير من المساوئ والأضرار التي يمكن أن تلحق بما حوله عمليا واجتماعيا ووطنيا، بل قد يسهم في تعطيل المسيرة. أصبح الشعب الياباني مضربا للمثل في العملية الانتاجية، ويقال إنهم في خضم النهضة الصناعية التي انطلقت بعد ابتكار الترانزستور وانتشار المنتجات اليابانية في العالم، رفضوا حتى الإجازات ليواصلوا العمل وبناء بلادهم المنهكة من الحرب، وكان نتاج ذلك ثاني أكبر اقتصاد عالمي، وهكذا تقود ثقافة الالتزام لتحقيق نتائج إيجابية على المستويات الفردية والوطنية، وذلك ما ينبغي أن يشاع في أوساطنا الوظيفية والعملية خاصة واننا أمام تحديات تنموية كبيرة يتطور فيها اقتصادنا الوطني وينمو عاما بعد آخر ويحتاج لالتزامات كبيرة من كل من يعمل في القطاعين العام أو الخاص. الالتزام الأساسي الذي يشكل لنا تحديا في ثقافتنا العملية يتعلق بالدوام، فهناك عدم جدية كافية في احترام العمل وبالتالي العملية الانتاجية، ومن الطبيعي أن يتغيب موظف أو يتأخر عن دوام أو يغادر مقر العمل مبكرا أو خلال الدوام لأي ظرف أو سبب، وليس بالضرورة أن يكون طارئا، وهذه الحالة سيئة بالتأكيد ينبغي أن نعيد النظر فيها، ولعلّي استشهد بتصريح للمتحدث الرسمي لهيئة الرقابة والتحقيق عبدالعزيز المجلي نشر في هذه الصحيفة أخيرا أوضح فيه أن 11784موظفا غابوا عن العمل خلال أول يومين بعد انتهاء عطلة عيد الأضحى المبارك، وذلك بنسبة 7,5 بالمائة، وقال إن نسبة الغياب في الرياض حازت النصيب الأكبر من حيث الغياب، حيث أوضحت جولة شملت الرياض ومحافظاتها 332 إدارة حكومية غياب 3045 وبنسبة 8,3 بالمائة, في حين جاءت المنطقة الشرقية ثانيا ب881 متغيبا, وبنسبة 5,7بالمائة. وإذا تصدرت الرياضوالشرقية هذه النسب فإننا أمام مشكلة كبيرة فهذه المناطق تمثل رأس الرمح التنموي، ويجب أن تكون المثال والنموذج لغيرها من المناطق، ومسألة عدم الالتزام بالدوام واقعية وشائعة الى حد ما، وتترتب عليها أضرار ومخاطر ليست بسيطة تتعلق بالعمل العام، فهناك مراجعون وجمهور يسعى وراء إنجاز أعماله ومعاملاته، ولنا أن نتصور تأخير ذلك لأن موظفا لم يلتزم بالحضور عقب الإجازة، فيما يفترض به أن يتعامل مع الوظيفة والعمل بمسؤولية وأمانة وأبعاد أخلاقية تحترم العمل وحق الجمهور في الحصول على الخدمة التي يقدمها الموظف الذي يتهاون في الحضور عقب الإجازة. أعتقد أن المؤسسات والهيئات معنية بتعزيز ثقافة الالتزام وعدم الاستهانة بتغيب وتأخر الموظفين عن الدوام، وينبغي أن يواجه ذلك بتشدد ووضع عقوبات رادعة وقبل ذلك اكتساب الموظفين لتلك الثقافة من خلال دورات تأهيلية أثناء العمل توضح قيمة أعمالهم وأهميتها للمجتمع والوطن وحتى لأنفسهم، فنحن بحاجة الى الكفاءة والرغبة في الإنجاز والمسؤولية لأن التراخي لا يليق بنا ولا بوطننا واقتصادنا. sukinameshekhis@ تويتر