تستميت إيران في محاولة اختراق مصر - الدولة العربية الكبرى -، وفي بذل جهود كبيرة؛ لتطبيع العلاقات معها؛ كي يكون لها موطئ قدم؛ من أجل نشر التشيع، والدفاع عما تعتبره مصالحها في المنطقة. ومن بين تلك المنافذ : منفذ السياحة؛ حتى يكون شأن مصر في ذلك، شأن سائر حركات التشيع المنتشرة في بعض الدول الإسلامية، والمتمثلة في البعدين الديني والأيديولوجي اللذين يوجهان السياسة الخارجية الإيرانية تحت مسمى: "تصدير الثورة الإسلامية "، وتجهيز كل الإمكانات؛ لإنجاح مشروعها. قرار الحكومة المصرية بتجميد فتح باب السياحة مع إيران، لأسباب تتعلق بالأمن القومي ، وذلك بعد فتح مجال السياحة في مصر أمام السياح الإيرانيين خلال فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي, هي خطوة في مواجهة محاولات الاختراق الإيراني، والتي شكلت بالنسبة لها نكسة كبرى، وقطعاً لأصابعها أن تمتد في منطقة الجوار، والذي يعتبر البوابة الأولى للمشروع الإيراني التفتيتي، ومحاولة تكتيكية إيرانية للمناورة، تخفي وراءها إستراتيجية في المخطط الإيراني، القائم على السيطرة، والاستيلاء، والتمدد على حساب خارطة الوطن العربي والإسلامي. هناك من يتحدث عن الخطر الإيراني في مصر، بأنه انعكاس لسذاجة في التقدير، أو مجرد عبث سياسي في بعض الدوائر. وهذا - في تقديري - خطأ كبير في تصور إيران الطائفية، التي تستهدف جميع الدول العربية والإسلامية بلا استثناء، والذي أخذ في بعض مراحله حدة، عندما امتد الصراع السياسي في المنطقة؛ مما شكل خطورة كبيرة على استقرار بعض البلدان، باعتبار تعدد الطائفية، وفصل من ينتمي إليها، أو يتلبس بها عن محيطه الذي نشأ فيه إلى وسط آخر؛ وليكون ولاءه في نهاية الأمر للدولة الإيرانية، إضافة إلى أن المكاسب الاقتصادية التي ستحققها مصر على المدى القريب على سبيل المثال، سيتبعها خسائر سياسية، وأمنية، وستؤدي إلى مزيد من عدم استقرار النظام. من حق مصر أن تدافع عن مصلحتها الوطنية، وعن علاقتها ببعض الأطراف الإقليمية، والدولية، وتحمي سياجها الأمني الوطني من الاختراقات الإيرانية، والتي بدأت آثارها واضحة. بل إن رسالة الشعب المصري كانت واضحة منذ اللحظة الأولى لهذا الانفتاح، وهي رفض التدخل الإيراني في مصر. وتلك هي الحسابات العقلانية، التي لا تستند إلى ردود الأفعال، بل كانت متعددة الأوجه، والأبعاد في رفض تلك العلاقة. يجب المضي قدماً في النظر إلى الاعتبارات الإقليمية، والأخذ بها في الحسبان. كما أن العمل على قطع علاقة الاختراقات الإيرانية، وتمددها داخل العمق المصري عن طريق ما يسمى ب"السياحة الإيرانية" مطلب مهم؛ حفاظاً على توجهات الأمن القومي المصري، وحماية عقيدة المجتمع، لاسيما وأن مصر تمر في حقبة زمنية بالغة التعقيد، وظروف محلية، ودولية، وإقليمية حرجة للغاية.