نشرت جريدة الوطن أن فضيلة الشيخ عبداللطيف آل الشيخ رئيس الهيئات تعرض لمحاولة اغتيال. من الصعب فهم ذلك. أتمنى أن يكون النفي حقيقياً. لا يمكن لإنسان أن يتخيل أن مثل هذا يحدث في المملكة العربية السعودية. فهذه البلاد بكل ما فيها من مشاكل وتحديات حضارية لا يمكن أن ينحدر فيها الشقاق والتباعد الثقافي إلى هذا المستوى من الهمجية. الهيئة جهاز حكومي والنقاش حوله يبقى نوعاً من الاتصال بين المسؤولين فيه وبين المهتمين بالشأن العام. كأي جهاز آخر. بعد الحوار وبعد تبادل الآراء أي كانت حدتها يترك الأمر في الأخير للقيادة تقرر ما تراه مناسباً ومتفقاً مع طبيعة التركيبة الوطنية التي أسست عليها هذه المملكة. في أي دولة في العالم المراكز الحكومية جزء من الحكومة ويبقى قرار التعيين فيها مختصا بقيادة الدولة ووفقا لرؤيتها. لا شك أن ما طرحه رئيس الهيئات منذ بداية توليه منصبه أثار كثيراً من الجدل بين مؤيد وبين معارض. هذا أمر طبيعي. لنا في تجربة وزارة العمل نموذج. كثير من التجار الذين تضاربت مصالحهم مع الإجراءات التي اتخذتها وزارة العمل عبروا عن غضبهم ورفضهم ولكنهم بقوا في حدود التعبير. في كل فترة من فترات الدول تُجرى تعديلات نوعية تراعي ما طرأ من تغيرات في الحياة وحاجة الأجيال الجديدة وتغير أنماط وأساليب الحياة. الدولة الحصيفة هي التي تسعى باستمرار إلى التجديد والتطوير ومراعاة مقتضيات التقدم. لا تقبل الأمم التي تريد الاستمرار في الحياة أن تبقى على جمودها أو حسب رؤى أنتجت في زمن آخر. لماذا يريدون للهيئة أن تحافظ على جمودها؟ لا توفر الهيئة مصالح خاصة لأحد ولا نعرف أنها جهاز مرتبط بالمال أو النفوذ لكي ينتاب العاملين فيها خوف أو شعور بالغربة. خروج مسؤولين منها وتعيين مسؤولين جدد من سنن إدارات الأعمال. لا تختلف الهيئة عن بقية الأجهزة الخدمية الأخرى. الهيئة ليست جهاز مصالح وتحقيق نفوذ لأحد، يؤدي التغير فيها إلى الإضرار بفئة أو طائفة أو تجمع. الهيئة رغم عدم وجود تعريف لطبيعتها إلا أنها تبقى جهازا حكوميا يخضع للتغيرات الزمانية. حان الوقت لإعادة تعريف الهيئة لإخراجها من سياج القدسية الذي سيجت به فترة الصحوة وتثبيتها كجهاز حكومي خاضع للتطوير والتعديل بل والإلغاء إذا رأت القيادة ذلك. الهيئة ليست جهازاً خاصاً بفئة معينة ولا يجب أن تخدم توجهات معينة. لا تمثل الإسلام إلا بقدر ما تمثله الأجهزة والدوائر الحكومية الأخرى. لا يوجد في المملكة بابوية كما في الكاثوليكية أو حرس ثوري كما في إيران. مواصفات رئاسة الهيئة هي نفسها مواصفات المراكز القيادية الأخرى. فكما لاحظنا تاريخياً أن وزراء تنقلوا من وزارة إلى أخرى ومن جهاز إلى آخر حسب ما اقتضت المصلحة يدخل جهاز الهيئة في هذا الإطار ولا يتعداه. العاملون في أي جهاز بما في ذلك الهيئة لا يملكون أدنى حق في تعيين أو المشاركة في تعيين قيادته. حادثة مقتل الشابين وتسرب خبر محاولة اغتيال رئيس الهيئة أمران في غاية الخطورة. بلغ الأمر نهايته. أرواح المواطنين الأبرياء وأمن وسلامة العاملين أي كان موقعهم خط أحمر مسنون يجب أن يمزق كل من يحاول اجتيازه.