بعد أن يخدم الموظف (40) عاما، أو ما يقاربها، في العمل الحكومي، سواء المدني أو العسكري، ويحين موعد مغادرته العمل بسبب وصوله سن الستين، يدخل -للأسف- تحت طائلة (نظام التقاعد الجلف). ومصطلح (جَلَف) حسب قاموس المعاني يأتي بمعنيين متقاربين، الأول: جلف.. أي جافٍ غليظ، والثاني: جلف.. أي جَرَف، كأن يُقال: جلف الدهر أمواله: أي ذهب بها، وجلفه الدهر: أي ذهب بماله. وفي الحالتين هي منطبقة على نظام التقاعد السعودي.. المدني والعسكري. فبمجرد أن يتقاعد الموظف، تُسحب منه كل البدلات والعلاوات والمكافآت التي كانت تعطى له، وكأنه حين تقاعد أصبح حبيسا لا يتنقل، فيسحب منه بدل المواصلات، أو أصبح بلا مأوى، فيسحب منه بدل السكن، أو أنه أصبح بلا تاريخ من التفوق والإنجازات، فتسحب منه المكافآت والعلاوات. النظام الذي يفعل هذا بموظفيه المتقاعدين هو حقا نظام جلف. وهذا لا يتماشى مع توجهات القيادة الحكيمة في وطننا الحبيب منذ عهد المؤسس الأول عبدالعزيز - طيب الله ثراه -، إلى عهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز أطال الله عمره. المطلوب هو أن تتم مراجعة نظام التقاعد بكل مواده وفقراته، وأن تعاد كتابة بعض تلك الأنظمة بشكل جديد وحديث مواكب لتكاليف الحياة في الوقت الراهن، بحيث يحافظ المتقاعد على ما كان يأخذه قبل التقاعد من راتب أو مقاربا له، شاملا: البدلات والمكافآت والعلاوات.. دون أن يفقد شيئا منها. فمن غير اللائق أن يتحول الموظف من حياة كريمة كان يعيشها براتب (عشرة آلاف ريال)، مثلا، إلى مبتدئ لا يزيد راتبه عن (ثلاثة آلاف ريال). هل هذه هي مكافأة من يخدم هذا الوطن؟. بالطبع لا. رجاء نرفعه إلى أصحاب القرار أن يتم إعادة النظر في نظام التقاعد بكل مواده وفقراته، وأن تعاد صياغتها بحيث تضمن للموظف الحصول على راتب تقاعد مقارب لما كان يأخذه أثناء عمله في الوظيفة، حتى لا تختل حياته وترتبك في نهاية الطريق وقد كانت مستقرة خلال مشواره الطويل في العمل الحكومي.