تناولت في مقال الأسبوع الماضي مؤشرات خطيرة في العمل الخيري ونتائج واحصائيات دراسة مسحية حديثة عن واقع الجمعيات الخيرية في المملكة وبالتحديد في منطقة الرياض. ووعدت بأن استكمل الحديث عنها خاصة في جانب الإنفاق والمصروفات الإداريه في الجمعيات الخيرية. ولكن قبل البدء في الحديث شدني تعليق ورد على مقالتي في صحيفة الرياض الأسبوع الماضي لقارئ رمز لاسمه بأبو أحمد وذكر في تعليقه أنه في أمريكا في كل 100 دولار ينفق على العمل الخيري يذهب 95 % منها كمصروفات إدارية! بمعنى فقط 5% ينفق في العمل الخيري ولا أعلم عن مصدر هذه المعلومة، وذكر أن نسبة متوسط المصروفات الإدارية في الجمعيات الخيرية لا تتجاوز 25% وفي بعض الجمعيات 19% فقط! وأيضاً لا أعلم عن مصدر هذه المعلومة التي استقاها القارئ الكريم، في الحقيقة رأيت أن استخدم هذا التعليق والمعلومة الواردة فيه كمدخل لطرح قضية نسب المصروفات الإدارية في الجمعيات الخيرية من المبالغ المتاحة لها للإنفاق على العمل الخيري. بالتأكيد أشك مطلقاً في رقم نسبة ال 95% التي ذكر أنها مصروفات إدارية في العمل الخيري في الجمعيات الخيرية في أمريكا وليس هذا منطقياً إذا ما عرفنا أسس المراقبة هناك وأهداف العمل الخيري ولا أحد يؤكد صحة الرقم. ولكن دعونا من المقارنة ومن الآخرين ولنركز على ما لدينا وهل فقط المصروفات الإدارية تشكل 25 إلى 19% في الجمعيات الخيرية لدينا؟ سوف أورد بعض المؤشرات التي وردت في الدراسة وأترك الحكم لكم. 63% من مسؤولي الجمعيات الخيرية يتقاضون رواتباً، وتشكل هذه الرواتب والأجور 50% من دخل الجمعيات! يوجد فقط 6 جمعيات سعودية من 54 جمعية في الوطن العربي وليس في العالم. دخلت تصنيف الأكثر شفافية عام 2010م، وقد حجبت جوائز كثيرة من ضمنها جائزة السعفة لشفافية الجمعيات لعدم توفر من يحققها، هناك مؤشرات كثيرة تخص النظم المالية المطبقة في الجمعيات الخيرية ومدى تواجد مراقبي حسابات ومراجعين ماليين وقانونيين خارجيين وكذلك مدى الإلزام بوجود لوائح وأنظمة مالية صارمة تطبق فيها ومدى قدرة وزارة الشؤون الاجتماعية على مراقبتها لا أن يكون دور المندوب حضور الجمعية العمومية فقط لوضع الإطار القانوني لصحة الاجتماع. أنا هنا ونحن مقبلون على شهر الخير أدعو الجميع من أفراد ومؤسسات القطاع الخاص والحكومي دعم الجمعيات الخيرية لتساهم في سد حاجة المعوزين والمحتاجين وهم كثر ولايستطيع الضمان الاجتماعي أن يوفي باحتياجاتهم الأساسية، ولكن في الوقت نفسه أناشد وزارة الشؤون الاجتماعية إن استطاعت ذلك أو حتى يتدخل ديوان المراقبة العامة بوضع لوائح وسياسات مالية وحوكمة أنظمة رقابة فاعلة على كل ريال ينفق لنضمن أنه يصل للمستحقين ونتلافى أية استغلال للعمل الخيري باسم الدين أو خلافه. فالعمل الخيري أصبح القطاع الثالث بعد الحكومة والقطاع الخاص فلنعزز أدائه وندعمه ونضبطه بنفس الوقت.