دروس الحياة لا تنتهي فصولها، والمتأمل يكتشف أن "كل المدارس" - كما قيل- تقدّم لك الدروس (قبل) الامتحان إلاّ "مدرسة الحياة" التي تفاجئك بالامتحانات (قبل) الدرس لتتعلّم منها أجمل وربما أقسى الدروس. وهذه خلاصة دروس عشر من تجارب الحياة الإداريّة: الدرس الأول: أن النجاح في الإدارة والعمل قد يجلب لك العسل المصفّى من الحظوة والحضور الاجتماعي والرضا عن الذات، ولكن لا تنس مع لذّة الشهد أنّ عليك تحمّل "إبر النحل"، وطنين الذباب من حولك ولكن إياك ان تطارده فتثير فصيلته وتلوّث يديك. الدرس الثاني: لا تضيع كثيراً من وقتك في تبرير اجتهاداتك خشية خصومك الأباعد فالغريزة الوقائيّة ستساعدك على التوازن والمنافسة، وتنبّه جيّدا لمن حولك ممن منحتهم ثقتك (فالخيانة) لا تأتي من (شخص بعيد)، والغدر لا يأتي ممن لا يعرفك. الدرس الثالث: لا تعتمد في كثير من أحكامك الإداريّة على ما يقوله الناس واجعل من التجربة محكّ الحكم ومعيار التمييز وستتفاجأ أنّ من كنت تظنّه الولي المقرب أو الكفء القدير هو مصنع إنتاج الكثير من متاعبك والمفاجأة الأقسى أنك قد تجد بين من أقصيتهم من يكفيك شغلك ويجلو همّك. الدرس الرابع: لا تتفاجأ حينما تجد موقفاً صادماً ممن كنت تحسن الظن به ولك في معاني سورة "الناس" و"الفلق" دروس عظمى، وبدل الغضب حاول أن تكظم الغيظ وتتعوّذ من حظوظ النفس واحذر أركان الكفر الأربعة: الكبر والحسد والغضب والشهوة كما ذكر ابن القيم رحمه الله. الدرس الخامس: لا تتوقع أن علاقات الناس في العمل تخضع لمعادلات الرياضيات وأصول المنطق، لذا عليك أن تروّض نفسك على قبول التضحية بوقتك وتحمّل النيل من سمعتك لأن سنن الكون تكاملت بوجود ثنائيات الظلام والنور، والعلم والجهل، والهدى والضلال، وأنت وبقيّة الناس تتنقلون بينها حتى تتبين لك ولهم أي "النجدين" طريقك. الدرس السادس: كُن إيجابيّا أينما حللت وفجّر طاقات من حولك وتأكد أنّك ستواجه قدراً من المتاعب، ولكن تيقن أيضا أنّك ستستمتع بلذّة النوم على طمأنينة الضمير المرتاح، وحين تسجّل ذكرياتك لن تضطرّ للاستشهاد بالأموات أو طي كثير من الصفحات. الدرس السابع: الشرفاء شركاء، والكرام أنساب، فلا تسىء الظن بكل الناس، وستعجب في لحظات اليأس وضغط المحبطين كيف تمتد لك يد الثقة والدعم ممن لا يمتّ لك بعصبة أو مصلحة. الدرس الثامن: لا تتحسّر إن رأيت القافزين على المواقف والمبادئ يتقدمون فصفحات التاريخ لا تحفظ إلا أسماء الراسخين في العلم والعمل والمبدأ. الدرس التاسع: وقت أداء المهام الجسام وعند تخيّرك للرجال تثبّت من كيد رأي القرين في قرينه وقل لهم إن جادلوك" اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ ". الدرس العاشر: تذكّر أن لكل شيء نهاية: طموحك، عملك، وأخيراً عمرك فكيف تهنأ بمشوار عابر قضيت معظمه متآمراً على هذا وضاغناً على ذاك. مسارات قال ومضى: لا تؤجل قراراً حكيماً نويته، وكن حكيماً لتدفن قراراً سقيماً هويته.