لا نجاح إلا للعقلانيين! والكل هذه الأيام عقلاني ويطالب بالعقلانية! ولذلك سأكون عقلانياً في هذا المقال ولا أهددك أو أتوعدك، بل سأقدّر ظروفك وأخاطب قلبك النيّر وفكرك المبدع! فأنا أعلم - مثلك- أنه لا تقدير في العمل الحكومي، وأن المتميز والمتدني كليهما سيكون تقويم أدائهما الوظيفي 99.9 في النهاية! وأعلم أن الأسعار والمتطلبات تتزايد بينما راتبك ثابت مكانه منذ سنوات الطفرة الأولى والثانية وسقوط سوق الأسهم! وأعلم أنك تنظر حولك فلا تستطيع أن تكون أنت الصالح الوحيد! وأعلم أنك لست الأول ولا الأخير بل أنت عضو في سلسلة طويلة من الراشين والمرتشين مروراً بالرائشين والساعين بما يرونه منفعة ومصلحة!، وأعلم أن شريكة الكفاح كلما رأتك صاحت وولولت واتهمتك بالفشل وقلة الذكاء! فلم يرزقها الله أعلم مثلك انه لا تقدير في العمل الحكومي، وأن المتميز والمتدني كليهما سيكون تقويم أدائهما الوظيفي 99.9 في النهاية! برجل مثل أبو أحمد يسافر كل إجازة بأولاده من بلد إلى بلد! وأنت تقيم في شقة وتبني على برنامج أرض وقرض آمالاً وطموحات، بينما من هو أقل منك قدرة ومرتبة يسكن في قصر تطارد فيه الخيول العربية والأوروبية! وأعلم أنك تقول: من يردعني؟ فلا قوانين مطبقة على المرتشين والفاسدين إلا من سنة إلى سنة، وبين هاتين السنتين لنا أن نسأل نحن وتأمن أنت كم النسبة التي تسقط في طريق الرشاوى الطويل والممل؟ في أحسن الأحوال لن تصل إلى 5 بالمائة من جموع المرتشين، وأعلم أن مكانتك تزداد حسب ما تركب وتسكن ولن يسألك أحد يوماً من الأيام: من أين لك هذا؟! ولكن -يا عزيزي المرتشي- خذ منا ما لدينا! أولاً: تذكر حفظك الله وأدام عزك أن الراشي ملعون هو وعصابته! وثانياً: اعلم أنك مهما انتفشت فأنت عند نفسك ناقص ولن يرث أبناؤك منك بعد رحيلك إلا الملايين والعار! وثالثاً: اعلم أن تلك الابتسامات التي تظهر الأسنان الصفراء في وجهك تخفي أطناناً من الشماتة والسواد الذي ينتظر أول سقطة لينتشر ويريك ما لا يسرك! ورابعاً: نناشدك عزيزي المرتشي باسم وطننا ووطنك، وأولادنا وأولادك، أن تتقي الله فينا! فوراء كل مشروع رشوة من مشاريعك الناجحة، إزهاق لأرواح بريئة، وتحطيم لأفئدة متفائلة بمستقبل جميل لهذا الوطن، ونهب لأموال أيتام وأرامل ومساكين لم يحصلوها إلا بشق الأنفس! وخامساً وسادساً ليس لدينا إلا نخوتك ورحمتك، أما القانون فما هو ومن نحن حتى نجرؤ على تهديدك به؟!