أي جراءة وأي اطمئنان يسكنان داخل الوسطاء والمرتشين حتى باتوا يعلنون (جهاراً نهاراً) عن ممارساتهم المحرمة والمخالفة دون أي اعتبار لحسيب أو رقيب! دون أي اعتبار لنظام أو عقوبة! دون أي اعتبار للأراضي الطاهرة ، لقبلة المسلمين ومدينة الرسول الأمين! في السابق كانوا يجتمعون خمسة أو ستة وربما عشرة أشخاص في إحدى (الكافي هات) مع شخص لا يكشف لهم عن اسمه أو هويته وكل ما يعرفونه عنه أنه (واصل) يبدأ حديثهم وينتهي معه (دون أن يطلبوا أي مشروب!) وهم يرددون بأنهم يعرفون واحدا يعرف واحدا عنده (كرت أخضر) لمعاملة أرض عليها تعويض بملايين الملايين ، ويطلبون منه (بعد التأكيد عليه بحفظ عمولة كل واحد منهم) تخليص وإنهاء هذه المعاملة المتوقفة منذ مدة طويلة وبالنسبة إلي يحددها هو والي وراءه! الآن أصبح مثل هؤلاء (الواصلين) يعلنون عن ممارساتهم المخالفة وهم يطلبون أراضي عليها تعويضات منتهية لإنهائها! أو يطلبون مواقع أراض لا يوجد عليها صكوك في منطقة مكةالمكرمة والمدينة المنورة ليتم استخراج الصكوك والقرارات المساحية لها مقابل نسبة يتفق عليها الطرفان! هذه الإعلانات قد تفاجأ بوجودها داخل (بروشور) أو وسيلة إعلانية معلقة على باب منزلك! أو قد يقع عليها نظرك عند تصفحك لأحد المواقع العقارية الإلكترونية، وهي غالباً ما تذيل بأرقام فاكسات لإرسال الطلبات عليها. وإذا كان الأمر كذلك ، وبما أن (كلا يرى الناس بعين طبعه) فإننا لن نستغرب إن رأينا في الأيام المقبلة مندوبي المرتشين وهم يطرقون أبواب منازلنا بكامل أناقتهم ممسكين بالأقلام والدفاتر ليستأذنونا بالدخول من أجل شرح عروضهم المخزية والجريئة مثل : إذا كان حضرتك راشيا أو وسيطا فلدينا مرتشون كبار وبإمكانك الاستعانة بهم أو التعاون معهم لإنهاء المعاملات الموقوفة وبنسب ممتازة! لن نستغرب ذلك بالتأكيد لأن الواقع المرير يحتم علينا أن تكون حكمتنا الحاضرة دائماً (من أمن العقوبة أساء الأدب). يحدث كل هذا ، وأكثر، مع أن نظام مكافحة الرشوة أوضح بأنه يعد في حكم المرتشي كل موظف عام أخل بواجبات وظيفته بأن قام بعمل أو امتنع عن عمل من أعمال تلك الوظيفة نتيجة لرجاء أو توصية أو وساطة ، كما أوضح بجلاء بأنه يعد مرتشياً كل موظف عام طلب لنفسه أو لغيره وعداً أو عطية لاستعمال نفوذ حقيقي أو مزعوم للحصول من أية سلطة عامة على أمر أو قرار أو ترخيص ، مؤكداً على ضرورة معاقبة الراشي والوسيط وبأنه يعتبر شريكاً في جريمة الرشوة كل من اتفق أو حرض أو ساعد في ارتكابها!؟