هو الذي يأخذ شكل الكنبة التي يجلس عليها كل من يُمسك بمقاليد الأمور؛ سواء أكان حاكماً أم حزباً أم تنظيماً بشرط أن تميل معه الرياح. وهذا المثقف متوفر في كل مكان، وليس نادراً أو من الصعب الوصول إليه ومعرفة مواقفه؛ فالحقيقة أنه يعرض نفسه باستمرار، ويتعرض لنفحات أهل السلطة لعل وعسى. في العادة (المعزب) هو الذي يُفصل ومثقفه الحلو المطيع يلبس على الجاهز، ولذلك رأينا العجائب في هذا الربيع العربي من مواقف بعض المثقفين الكبار، أو بالأحرى الذين ظننا يوماً أنهم كبار وأصحاب مبادئ بالفعل؛ ثم تبين أن الخطأ كان في عدم رؤيتنا للصورة بكامل أبعادها، وبما تحتويه من زيف وخداع. مثقف المعزب يتحرك ويكتب باسم سيده، ويقوم بكل الأدوار المطلوبة منه بانتظام، ولديه الاستعداد للانقلاب على كل مواقفه السابقة كي يثبت للمعزب الغالي أنه من يُعتمد عليه في الملمات، وأنه من يستطيع تغيير الهندام في كل مرة وحسب الطلب. كثيرون من المثقفين المنخرطين مع الربيع العربي هذه الأيام كانوا من أشد أعداء رموز هذا الربيع، وبعضهم كانوا إلى الأمس القريب يحذرون من الإسلام السياسي لمصلحة السياسي العسكري، وحينما تغيرت المصالح تغيرت المواقف التي كانت رنانة، وسقطت ورقة التوت عن السوءة النفعية! باختصار: مثقف المعزب هو مثقف صالح لكل مرحلة؛ لكنه غير مُصلح لأية مرحلة، ولذلك لا تنتظروا رسالة من المثقف العربي طالما أنه ينقلب على عقبيه مهاجماً أو مادحاً وفقاً للأحوال الجوية؛ فهؤلاء مع المال والشهرة والسلطة أولاً، وليسوا مع الشعوب المغلوبة على أمرها وإن زعموا!!