الإعلان الذي أصدره أمس أمير الرياض بتشكيل لجنة برئاسة وكيل الإمارة للشؤون الأمنية وعضوية الحرس الوطني وهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهيئة التحقيق والادعاء العام وشرطة منطقة الرياض للتحقيق في الحادثة التي شهدتها الجنادرية الجمعة الماضي في الجنادرية إجراء ضروري. ويظهر أن بيانين صادرين من الحرس الوطني لم يكونا كافيين لإيقاف النقاش في هذه المسألة التي تم تضخيمها في مواقع التواصل الاجتماعي، وأصبحت محل استقطاب بين مَن يصطف في هذا الاتجاه ومَن يميل إلى هذا الرأي. من المهم أن نتذكر ونحن نشهد هذه المسألة، أن الجنادرية منذ انطلاقتها قبل 28 عاما، كانت علامة فارقة أسهمت في إثراء التراث والثقافة، حتى إن لم يعجب هذا الكلام البعض. من جهتي واكبت الجنادرية منذ سنتها الأولى، وكنت حينها في المرحلة الجامعية وأمارس الصحافة هاويا. كان الاستقطاب فيها بين مَن يقف إلى صف الموروث ومَن يقف في صف المعاصرة والحداثة طاغيا. ثم توارت هذه الموجة، وبدأت السنوات الأخيرة تحمل منحى يستهدف توسيع فكرة الاحتساب. وكان هذا الاحتساب يتجاوز أحيانا المؤسسة الرسمية ممثلة في هيئة الأمر بالمعروف، إلى بعض المتطوعين. ومع التحديثات الأخيرة في نظام الهيئة، صار واضحا للجميع أن مَن لا يحمل بطاقة تعريف باسمه ووظيفته لا يمكن قبول ملاحظاته منعا للفوضى واستغلال الأمر. ومع ذلك فإن التجاوزات استمرت. واللافت أن الرجل في هذه القضية وفقا للبيان الثاني للحرس الوطني هو من منسوبي ""الهيئة""، لكنه انتقل من المكان الذي يمارس فيه الاحتساب إلى الجناح الذي شهد الحادثة التي دفعت أفراد الحرس لمنعه. والمؤسف أن الأمر شهد تصعيدا، وصار الكل في حالة حوار طرشان بين مع وضد. وشهدنا عقلاء ينالون من الحرس الوطني كمؤسسة أو من هيئة الأمر بالمعروف كمؤسسة بسبب حادثة يريد البعض إخراجها من سياقها. إذن جاءت اللجنة لتعيد الخلاف إلى مساره الطبيعي، باعتباره قضية إدارية بين جهازين حكوميين. أما تحميل المسألة أكثر مما تحتمل، فهذا يعتبر مزايدة لا تليق. والمزايدة الأسوأ ما نشرته صحيفة أمس عن استبعاد ثلاثة من فرقة شعبية تابعة لإحدى دول الخليج لأنهم وسيمون، بحسب زعم الصحيفة. هذا الخبر ليس مثيرا فقط، ولكنه مستفز ومسيء للناس هنا وهناك. وليس أدل على ذلك من تناقله وتداوله وتحويله إلى مادة لتسويق الاتهامات والسخرية أيضا. إن الجنادرية واجهة جميلة، من المهم النأي بها، وعدم استخدامها خارج أهدافها التراثية والثقافية والفنية والاجتماعية.