شاهدتُ قبل أيام في إحدى الفضائيات العبرية العربية برنامجًا يقارن بين حرية الصحافة في العهود المصرية البائدة، والعهد (الإخواني) السائد. وإمعانًا في التضليل، ذكر الصحفي الألمعي أن عهد مبارك لم يشهد سوى محاكمة 4 صحفيين فقط، بالرغم من مكوثه 30 عامًا، في حين يشهد عهد مرسي محاكمة 100 صحفي، ولم يمر عليه سوى مائتي يوم فقط. الرسالة الأولى من هذا الدجل الرخيص تبدو موجهة للشعب المصري الشقيق.. هي رسالة تأنيب له: لماذا انقلبت أيُّها الشعب العظيم على قيادتك الحكيمة البائدة التي زرعت لك أشجار الحرية في كل (حتة) في مصر، حتى كنت أنت باختيارك (لا بالتزوير أبدًا) تجدد البيعة لفخامته مرة تلو المرة. العهد الذي انتشلك من الفقر فجعلك في مصاف الدول الغنية، حتى بات الفقر مفردة غامضة لا معنى لها في أرض الكنانة، والذي جعل من دولتك قوة عسكرية ضاربة، ذات هيمنة اقتصادية طاغية لا تتوسل أحدًا، ولا تسمع من أحد. في العهد البائد وُزّعت الثروات بكفاءة بالغة، ورشد لم يكن له مثيل. وفي العهد البائد لم تُسن أبدًا قوانين سيئة الذكر مثل (قانون الطوارئ)، الذي لا ينتظر أصلاً صحفيًّا ولا غيره ليطيل لسانه على سواق الرئيس، فضلاً عن الرئيس قبل أن يلقى به في (أبو زعبل). وفي العهد البائد لم يتقدّم مواطن مصري شريف اسمه أيمن نور لينافس مبارك، ولم يُلقَ به في السجن شهورًا طويلة بتهم كاذبة ملفقة، ليكون عبرة لمَن اعتبر من السياسيين، والإعلاميين، والصحفيين. في العهد البائد لم يثبت أن مؤسسة الأهرام الحكومية الرسمية قدمت هدايا بملايين الجنيهات لمبارك، وأفراد عائلته، وأصدقائه المقربين. حاشا وكلا! وفي عهد مرسي لم تتخصص عشرات القنوات الفضائية في الشتم الرخيص، والفحش البذيء الموجّه للرئيس على مدى اليوم، والأسبوع، والشهر. لستُ أقف مدافعًا عن مرسي أو غيره، لكني أربأ بهكذا تضليل يستند إلى الأرقام المجردة من كل الحقائق المصاحبة لها. ولستُ أقف ضد أي انتقاد صادق للأداء، فلا أحد فوق الانتقاد. لكن لا للشتم والإهانة، ولا أكبر للتضليل الإعلامي المأجور.