جمال البنا، عمَّر طويلا (93) عاما، مقارنة بأخيه حسن البنا، الذي اشتهر بأنه مؤسس جماعة الإخوان المسلمين في مصر. أهمية جمال البنا، أنه يختلف تماما عن أخيه، بتفرد الرأي، والتجديد مع غزارة في الإنتاج، قاربت مائة مؤلف، وكلاهما مبدع، رحم الله الاثنين. الأول عاش 42 سنة، أقل من جمال البنا بنصف قرن، ولكنه أسس حركة لا تزال نشيطة حتى اليوم، وتتكاثر وتتفرع، وتترك آثارها، شئنا ذلك أم أبينا، على الحياة السياسية في العالم العربي. البنا يذكرني باثنين، الأول فلسطيني اشتهر بالقتل والاغتيالات، عمل فترةً لحساب صدام، حتى قتله صدام، ومشى في جنازته. والثاني تقي الدين النبهاني المقدسي، مؤسس حزب التحرير الإسلامي، الذي انتشر في عديد من الأقطار الأوروبية، بل إن أنصاره أقاموا مهرجاناً هائلا في إندونيسيا قبل سنتين، حضره 120 ألف إنسان، وارتعشت منه أمريكا. جمال البنا، هو من ذلك النوع المميز فكريا، ولقد كتب لنا مقدمة في الكتاب الذي نشرناه بعنوان (فقد المناعة ضد الاستبداد). لقد اطلعت على بعض كتاباته، التي تتسم بذلك البعد الروحاني، ومحاولة تجديد الفكر الإسلامي، لذا وجدت آراؤه معجبين ومرحبين وأناسا مستنكرين، وخلَّف الرجل خلفه منظومة معرفية ممتازة. كنت أتمنى لو أن حسن البنا، الأخ الكبير، وظَّف أفكار أخيه جمال البنا في تطوير حركة الإخوان. لقد كتبت في هذا الأمر كتابا كاملا بعنوان (النقد الذاتي وضرورة النقد الذاتي للحركة الإسلامية). وهو كتاب لاقى الصد والرد، وما زال.