من الطبيعي أن يشعل قرار خادم الحرمين الشريفين تعيين 30 سيدة بمجلس الشورى سجالاً كرّس نفسه منذ مدة بين سدنة الراهن من أوضاع المرأة ، و بين المدنيين المطالبين بتطبيع طال انتظاره للمرأة مع الحياة العامة ، لاسيما أن هذه الخطوة التي سيكون لها ما بعدها ، جاءت متزامنة مع تدشين حملة احتساب طائر كانت محطته الأولى مكتب وزير العمل، ثم الخطوط السعودية، و كان يمكن أن يحلّق إلى أجواء مرافق أخرى لولا أن أرغمته الخطوة على الهبوط اضطرارياً أمام الديون الملكي بعد أن رصّع ملاحوه مطالبهم ببعض الشعارات البراقة كمكافحة الفقر و الفساد. لا جديد في موقف المتشددين، فهم قد أقصوا المرأة تماماً من الحياة العامة من اجل ألا يقوموا بتكليف إلهي بسيط هو غض البصر ، و من الطبيعي أن يقاوموا هذه الخطوة. ما يمكن ان نناقشه هو موقف المعارضين المثقفين ومحاورتهم في المغزى من وراء تلك الخطوة، فثمة فريق منهم يمكن وصفه بالمثالي تحفظ على الخطوة كونها لا تمثل اختياراً شعبيا، ووصفها بعضهم بأنها عُصي ناعمة وضعت في عجلة التطور السياسي، كما تحدثت بعض النساء بأن المعينات لا يمثلونهن! في انعكاس واضح لضبابية الوعي السياسي لدى البعض من النخب يبرز تصريح بعض المثقفات بأن نساء الشورى لا يمثلهن كنساء، وكأن المرأة البرلمانية يقتصر دورها أن تمثل النساء فقط!في نظري هذه الخطوة و إن كان مجالها سياسيا، مجلس الشورى، إلا أن المقصود منها هو شأن اجتماعي بالدرجة الأولى. و خطوة مرحلية مطلوبة بالضرورة استخدم فيها السياسي مجاله و سلطته فيها لدعم انفتاح اجتماعي يعاني فيه شأن المرأة تحديداً انسداداً مستعصياً جراء ضغوط مراكز القوى المناوئة لحرية المرأة. خطوة في حقيقتها محاولة تطبيع مجتمع مُخْتَطَف القناعة، لا يمل من ترداد أن المرأة ناقصة عقل ودين بالمطلق، ولا يغضب ممن يكرر على مسامعه وصف من تريد أن تأكل من عرق جبينها من بناته بالعهر وولي أمرها بالدياثة فقد اختار لنفسه أوصياء على أخلاقه. و الحالة تلك فلا أظن أن أحداً يختلف معي بأن أي انتخابات لمجلس الشورى ما كان لها أن تأتي ولا بامرأة واحدة. و في انعكاس واضح لضبابية الوعي السياسي لدى البعض من النخب يبرز تصريح بعض المثقفات بأن نساء الشورى لا يمثلهن كنساء، وكأن المرأة البرلمانية يقتصر دورها أن تمثل النساء فقط! من جهة نظر سياسية صرفة و في أحوال المجتمعات الطبيعية فوجود المرأة ليس ضرورياً ما لم تصل إلى السلطة التشريعية بأصوات الناخبين، ولا أرى شخصياً داعٍ حتى لما تعارف عليه ب(الكوتا) أما من ناحية اجتماعية مرحلية وهي الأهم في الحالة السعودية فوجودهن في الشورى أمر ضروري للقفز بالمرأة شوطاً بعيداً في مكانتها الاجتماعية المأمولة. لماذا الشورى و ليس قيادة المرأة للسيارة للتطبيع؟ لان الشورى بدت موقعاً نموذجيا لذلك فالعدد محدود: 30 امرأة، والمكان محدد: قبة مجلس الشورى، والمكانة ذات رمزية عالية. فلتذهب أدبيات القصور الذهني و الفتنة أدراج الرياح فالمرأة غدت تحتل موقعاً لا يفوقه سوى مجلس الوزراء.