لا بد أن أعترف بأني واجهت صعوبة في تحديد موقف شخصي واضح وأنا أشاهد حلقة الجمعة الماضية من برنامج "لقاء الجمعة" الذي يقدمه الزميل عبدالله المديفر على قناة روتانا خليجية، واستضاف فيه كلا من الفنان "المعتزل" فضل شاكر، والقيادي الإسلامي اللبناني المعروف الشيخ أحمد الأسير. صعوبة تحديد الموقف لم تكن نتيجة لما رأيت أو سمعت من الشيخ "الأسير"، بل من فضل شاكر "التائب" والمعتزل عن الفن، والذي ألهم المتذوقين للفن الرفيع لسنوات طوال وكان دائما فنانا منضبطا ومبدعا، منذ أن كانت انطلاقته الأولى في ال"دويتو" الشهير الذي جمعه مع الفنانة الكويتية نوال في أغنيتهما الكلاسيكية (أحاول). بطبيعة الحال لست هنا لأتحدث عن موقفي من توبته، فهذا أمر بينه وبين الله عز وجل، ولا شك أن كل مسلم مؤمن يسعى دائما أن يرزقه الله التوبة الصالحة وأن يمهد له الطريق الصحيح لخدمة دينه، إلا أنني أتحفظ قليلا على موقفه الذي يعتبر فيه العمل في الفن حراما بالمطلق، كما حاول تأطيره وربطه بتوبته، وهو تحفظ ربما يؤيده ما عرج عليه بشكل مقتضب الشيخ "الأسير" في ذلك اللقاء تعليقا وردا على سؤال الزميل المديفر حول الموضوع. الموقف الذي أتحدث عنه هنا هو موقفي من "فضل شاكر" كضيف تلفزيوني يظهر للمشاهدين، فلم أكن لأفهم كيف عليّ النظر إليه والتعامل مع مواقفه الجديدة، فهل أنا أشاهد "فنانا" معتزلا وعلي بالتالي أن أفهم رأيه في طبيعة الوسط الفني، أم بصفته من الدعاة الجدد وعليه يجب أن أحدد موقفي من فلسفته الفكرية وتوجهه الدعوي، أم هو ثائر مجاهد يحمل في يده كلمات أنشودة وفي يده الأخرى بندقية. ربما استطاع الزميل المديفر أن يخرج لنا حوارا (كوكتيليا) تداخلت فيه الحوارات ما بين السياسي والديني والفني والاجتماعي مع قليل ربما من (صحافة صفراء) وهو ما لا أرى فيه بأسا إن كان بمعدل معقول، إلا أنه أظهر لنا الفنان السابق وكأنه "مخدر" كما وصفه البعض، يردد دون استيعاب ما يقول محاولا استخدام العبارات المشيخية التي من الواضح أنه لم يتقنها حتى الآن. المشكلة التي يعيشها المشاهير عندما تنقلب حياتهم أنهم يقعون في شباك واقع جديد تسيره سهام الإعلام الذي يحاول أن يستفيد من حالة عدم التوازن المؤقت بسبق صحفي، وجمهور يرغب في فهم ما لا يمكن فهمه، ومستفيدون أغلبهم انتهازيون يستخدمونه ذخيرة لحروبهم الفكرية والسياسية ومن أجل تحقيق أهداف قد لا يكون ذلك المشهور قد استوعبها بعد.