فاضت روح الصغيرة لمى بعد أن جرى عليها عنف جسدي من قبل أقرب الناس لها، حيث اتهم أبوها (الداعية) وزوجته الثانية (زوجته أم الطفلة مطلقة) بممارسة العنف ضد الطفلة. بعض الصحف ركزت على كون الأب داعية، والقضية هنا أكبر من كونه داعية أو رجلا عاديا من عامة الناس. فالاعتماد على الوازع الديني هو أقل الأمور اتباعا عند الناس حتى أكثرهم تدينا، فالتدين للإنسان نفسه، أما علاقته بالآخرين حتى أقرب الناس إليه، خاضعة للمبدأ الأخلاقي الديني أو غير الديني الذي يتعامل به مع الغير، وهي مبادئ دائما ما كانت تعود إلى مسألة التأويل والفهم البشري أكثر من الدين ذاته كقيمة مطلقة. القضية الأهم ليست في كونه داعية، بل في كونه أبا قبل ذلك وبعده. العنف على الطفل يأتي من أقرب أقربائه في تجاهل كبير من المجتمع: أما أو أبا أو زوجة ثانية، وقد تكررت في وسائل الإعلام مثل هذه الحوادث. يتجاهل المجتمع العنف الجسدي واللفظي على الطفل ما لم يصل حد الموت أو الأضرار الجسدية الكبيرة الواضحة التي تصل حد الخطورة. غالبية المجتمع ينظرون للطفل بوصفه تابعا للأب والأم، وليس كيانا خاصة له حقوقه. قديما كنا نتعلم بأنه يحق للأب قتل طفله وأنه لا حد عليه. قد يظن البعض أن ذلك مبالغة مني لكن الكثير يذكرون ذلك، كما أن الفقه الإسلامي فيه موضوع خاص عن ذلك ما زال يدرسه طلاب الشريعة على اختلاف في الآراء. الطفلة لمى فارقت الحياة، وما زالت القضية في التحقيق، لكن كم طفلة وطفل حصل لهم مثل ذلك نشرته وسائل الإعلام المختلفة، وما زالت الأنظمة تتجاهل وضع العنف الأسري حتى في أقل حالاته وما زال المجتمع يسكت عن أي مظهر من مظاهر العنف المتجه للأطفال والمرأة وكأن الأمر عادي جدا. هنا نحتاج إعادة رؤية شاملة في قيمنا المجتمعية، وهذا موضوع آخر طويل.