كثيراً ما يتحول عقلي إلى ساحة صراع عمن يسيطر على الآخر "الإعداد" أم "المذيع"، في البرامج الحوارية وبرامج "التوك شو"، أحياناً أقول إن العُرف السائد يمنح "الإعداد" القوة لأنه الأساس الذي يوجه المذيع والمخرج معا قبل البدء ويستمر حتى النهاية، وأحياناً أقول المذيع جزء من الإعداد ومشارك فيه، وأحياناً يرد علي الواقع فيقول المذيع هو المدير..! وكثيراً ما يراودني شعور بأن كواليس البرامج "حلبة مصارعة" للأفكار، وكثيراً ما أتمنى مشاهدة معارك الإعداد، وأن أكون شاهداً على خصام الفريق وشراسة مقاتل على فكرة ضاعت بين أوراق الإعداد ليكسب الأصوات. لكن يتلاشى كل ذلك وتبقى فكرة أن المذيع هو "الرئيس" الذي يتحكم بطاولة الإعداد حتى لو لم يكن له كرسيٌ عليها، ويفرض أفكار الإعداد على الفريق، ويرشح المناسب من أفكاره ويختار الضيوف، وبقية الفريق كالآلات تجمع وتحلل وترتب وتنسق أوراق البرنامج، ويسمع توجيهات المذيع الذي أصبح رئيساً لتحرير البرنامج. وتتجلى صورة قوة المذيع في برنامج فيصل القاسم "الاتجاه المعاكس" الذي توقفت حلقاتها عند الشأن السوري ولم تتجاوزه إلى غيره، فلم يتطرق إلى الكويت وما يدور فيها من أحداث، ولا إلى السودان وقضية القصف الأخير، ولا إلى فلسطين والخلاف بين فتح وحماس بعد زيارة أمير قطر إلى غزة، فهل يعني ذلك أن "فيصل" هو الذي توقف بالبرنامج وفريق الإعداد عن بلده وشأنها الداخلي، رغم أن قناة الجزيرة تناقش في برنامج "حديث الثورة" الشأن السوري بشكل دائم. كذلك تتضح قوة المذيع في برنامج "الثامنة مع داود الشريان" الذي أصبح سعودياً صرفاً على قناة كل العرب "إم بي سي"؛ لأن المذيع سعودي وقيادي فيها.