تحدثت عن زيارة سمو أمير قطر لغزة في حينها ببعض التغريدات لأن هذه الزيارة تستحق أن يكتب عنها الكثير نظرا لأهميتها - من جهة- وأملا أن يقتدي آخرون بما فعله أمير قطر -من جهة أخرى- فيحققون لأمتهم مجدا وتقدما ولا بأس أن يحققوا لأنفسهم الشيء ذاته إن كان هذا يهمهم، فالذي يعلي شأن أمته يستحق أن يبقى عاليا في قلوبها. كل وسائل الإعلام تحدثت عن هذه الزيارة، وكتب عنها من كتب، وأخذت هذه الكتابات مناحي شتى، فكل ينطلق من قناعته -غالبا- أو بحسب ما يملى عليه أحيانا، ومع أن مدة تلك الزيارة كانت في حدود سبع ساعات فقط إلا أن كثرة ما قيل أو كتب عنها يؤكد أهميتها وفاعليتها ونتائجها المتوقعة!! لم أستغرب ردة فعل الصهاينة على تلك الزيارة، فهم يرون أنهم سادة الضفة وغزة الفعليون وبالتالي لابد أن يكون لهم رأيهم في أي حدث مهم يجري فيها سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، وهم -أي الصهاينة- يعدون حماس وقادتها إرهابيين فكيف يقوم زعيم عربي بزيارتها مباشرة؟! ولهذا كانت ردة فعلهم عنيفة؛ فالناطق باسم الخارجية الإسرائيلية "يغال بالمور" قال: إن أمير قطر بدد إمكانية تحقيق السلام من خلال دعمه لمنظمة إرهابية!! أما الرئيس الإسرائيلي فقال: إن الأموال التي تبرع بها أمير قطر لغزة ستذهب لشراء الأسلحة التي ستستخدم ضد إسرائيل!! وكثير من صحف إسرائيل ذهبت في الاتجاه نفسه، ومع أنهم جميعا يعرفون أن هذه الأموال ستصرف على مشاريع واضحة المعالم وقد افتتح الأمير وحرمه بعضها إلا أن إصرارهم على أن تبقى غزة تحت حصارهم حتى تركع لكل مطالبهم الظالمة هو ما دفعهم لاختلاق كل تلك الأكاذيب، فرفع الحصار عنها يشكل لهم ضربة قاصمة ولهذا رأيناهم يفعلون كل شيء لإبقاء هذا الحصار وما جرائمهم التي ارتكبوها ضد السفن التي جاءت من أكثر من دولة لكسر الحصار عن غزة إلا دليل على حرصهم على إبقاء الحصار الظالم حتى تزول سلطة حماس وتأتي سلطة أخرى تعطيهم كل ما يريدون، ولهذا -كله- كان سخطهم على زيارة سمو الأمير شديدا لأنهم يدركون أهميتها في رفع الحصار عن غزة.. مواقف الأمير من غزة ومن الفلسطينيين عامة ليست جديدة ولم تبدأ من زيارته الأخيرة لغزة، فقد سبق أن زارها في حياة أبي عمار، كما أنه الوحيد الذي دعا لمؤتمر للوقوف مع الفلسطينيين بعد اعتداء الصهاينة على غزة بالإضافة على مواقف أخرى متعددة. الجانب الإنساني عند الأمير كان كبيرا؛ فالذي شاهد تفاصيل الزيارة وكيف تفاعل معها أهالي غزة، رجالهم ونساؤهم وأطفالهم، يدرك كم هي الفرحة التي أدخلها الأمير عليهم؛ أطفال رددوا الأهازيج وأيتام سلموا على الأمير، وشيوخ استبشروا بتحسن أحوال أسرهم، ومعوقون فرحوا كثيرا بزيارة حرم الأمير لهم وبتبني بعض المشروعات الطبية التي تعود عليهم بالنفع الكبير. إعادة الإعمار التي شملت المساكن والمستشفيات وكذلك تأهيل بعض الطرق وتحسين البنية الزراعية كل ذلك سيعيد الحياة الطبيعية - قدر الإمكان- لأهل غزة وسيقلل البطالة الكبيرة عند شباب غزة كل ذلك وسواه يصب في إعادة الأمل والفرح على نفوس الجميع ومرة أخرى أقول: هذه ليست المرة الأولى التي يضع فيها الأمير الجانب الإنساني في زياراته، فقد فعل ذلك بعد القصف الإسرائيلي على لبنان حيث زار منطقة الجنوب كما زار الضاحية الجنوبية في لبنان وتعهد بإعادة إعمار المنطقة ونفذ ما وعد به. إن بعض الذين انتقدوا الأمير في زيارته لغزة هم من كان يثني عليه كثيرا عندما زار جنوب لبنان وللهدف نفسه لكن الأهواء هي التي تقود بعض ضعاف النفوس وتجعل لهم ألوانا متغايرة بعضها يناقض الآخر. زيارة الأمير كانت تاريخية -كما قيل عنها- ومواقف الأمير السابقة تجعلنا لا نستغرب هذا الفعل الجميل، والأمل أن نرى آخرين يفعلون الشيء نفسه لكي نرى غزة بلدا محررا من الحصار الرهيب الذي تمارسه إسرائيل عليها منذ سنوات وحتى الآن.. وأخيرا.. وكما قدم الأمير الشكر للقيادة المصرية ورئيسها على تسهيل زيارته فإنني أثني على ذلك الشكر وأتمنى أن أرى الرئيس المصري في غزة قريبا.