تستعد حكومة «حماس» لاستقبال امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني اليوم لغزة، وهي الزيارة الاولى لرئيس دولة لقطاع غزة منذ سيطرة الحركة عليه، وتشكل مكسباً سياسياً كبيراً للحركة التي تسعى اسرائيل الى عزلها. وفيما رحب رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة اسماعيل هنية بهذه الزيارة، مشدداً على «ما تعنيه من دلالات»، أكد الرئيس محمود عباس في اتصال هاتفي مع امير قطر «ضرورة الحفاظ على وحدة الاراضي الفلسطينية وانهاء الانقسام»، في حين انتقدت اسرائيل الزيارة ووصفتها ب «الغريبة». وأعلن في الدوحة أمس أن أمير قطر «يقوم الثلثاء بزيارة قصيرة لقطاع غزة يدشن خلالها عدداً من المشاريع التي تمولها قطر في إطار جهودها لإعادة الإعمار في القطاع». وذكرت وكالة الانباء القطرية أن زوجة الامير الشيخة موزا بنت ناصر سترافقه خلال الزيارة، كما يرافقه رئيس الوزراء، وزير الخارجية الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني، وعدد من الوزراء. يذكر أن قطر ترتبط بعلاقات قوية مع «حماس»، وكانت استضافت قبل سنوات قمة عربية أثناء الاعتداءات الإسرائيلية على غزة، كما تحتضن حالياً عدداً من قادة الحركة الذين كانوا يقيمون في سورية، وبينهم رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل. كما كانت الدوحة سباقة للاعتراف بفوز «حماس» في الانتخابات قبل سنوات. وقال الناطق باسم الحكومة المقالة طاهر النونو لوكالة «فرانس برس»، إن زيارة امير قطر «مهمة جداً، لانها كسر للحصار» الذي تفرضه اسرائيل على القطاع منذ خمس سنوات. ورأى ان «الزيارة تعتبر تطبيقاً لقرار الجامعة العربية بكسر الحصار (الاسرائيلي) ودعم ملف اعادة الاعمار، وايضا تحمل في طياتها دلالات سياسية باعتباره اول زعيم عربي يكسر الحصار السياسي» وتهدف الى «دعم صمود الشعب الفلسطيني». وعشية الزيارة، شنت اسرائيل غارتين جويتين على شمال القطاع اسفرتا عن مقتل ناشطين، احدهما قائد ميداني في «كتائب عز الدين القسام»، الجناح العسكري ل «حماس». وتعليقاً على الزيارة، قال الناطق باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية ييغال بالمور لوكالة «فرانس برس»: «نأمل في ان يقوم الامير بتشجيع الفلسطينيين الذين لا يدعون الى العنف». واضاف: «في الوقت نفسه، نجد ان من الغريب ألاّ يساند الامير كل الفلسطينيين بل يفضل حماس على السلطة الفلسطينية التي لم يزرها من قبل» في الضفة الغربية، مؤكدا ان امير قطر «اختار بذلك طرفاً، وهذا ليس جيدا». وانجزت «حماس» كل الترتيبات اللازمة لاستقبال امير قطر، وقال النونو: «انهينا كل الترتيبات الامنية واللوجستية والبروتوكولية لهذه الزيارة التاريخية المهمة». واضاف ان الزيارة ستشهد «لقاء رسمياً مع هنية واعضاء الحكومة في مقر مجلس الوزراء في غزة». وقال مسؤولون في غزة ان امير قطر سيصل صباح اليوم الى مطار العريش المصري، وسيتوجه في سيارات مخصصة بحراسة امنية مصرية الى معبر رفح الحدودي قبل الظهر حيث سيكون هنية وعدد من وزرائه في استقباله. ثم سيتوجه مباشرة بصحبة هنية الى خان يونس جنوب القطاع لوضع حجر الاساس لمدينة اسكان تحمل اسمه، وتشمل اقامة الف وحدة سكنية في المرحلة الاولى، وتخصص للاسر الفقيرة والشباب. ومن المقرر ان يلقي كل من امير قطر وهنية كلمة خلال حفلة تقام في المنطقة المخصصة لاقامة هذه المدينة السكنية. واوضح احد المسؤولين ان «وزيرا في الحكومة المصرية سيرافق امير قطر الى غزة»، من دون ان يسميه. وعززت اجهزة الشرطة والامن في حكومة «حماس» انتشارها على كل المفترقات والطرق التي من المتوقع ان يسلكها موكب امير قطر، كما انهت ترتيباتها الامنية في معبر رفح. وقامت بتدريبات امنية عدة في الاسبوع الاخير قي قطاع غزة تركزت على استقبال الشخصيات الكبيرة. ومنذ ليل الاحد - الاثنين، ينشغل عشرات الشبان في رفع آلاف الاعلام الفلسطينية والقطرية وصور ضخمة لامير قطر على طول الطرق التي سيسلكها موكبه في قطاع غزة لتدشين مشاريع ضخمة. فعلى طول طريق صلاح الدين الرئيس، وضع المكتب الاعلامي في حكومة «حماس» عشرات اللافتات التي كتب عليها خصوصا «شكراً قطر لقد أوفيت الوعد»، و «قطر تدعم الشعب الفلسطيني»، الى جانب صور للأمير كتب عليها «أهلاً وسهلاً». والى جانب «الدلالات» السياسية للزيارة، قال مصدر فلسطيني: «نتوقع ان يعلن امير قطر عن ضعف المنحة» المخصصة لاعادة اعمار قطاع غزة وقدرها 254 مليون دولار «لتصل الى نصف بليون دولار». وسيدشن امير قطر مشروع تعبيد وتأهيل طريق صلاح الدين الذي يصل جنوب قطاع غزة بشماله ويبلغ طوله 45 كيلومتراً، قبل ان ينتقل الى شمال القطاع حيث سيدشن مشروع مستشفى «الاطراف الصناعية والصم». وقال رئيس اللجنة القطرية لاعادة اعمار غزة السفير محمد العمادي، إن هذه المشاريع ستساهم في توفير عمل «لنحو 15 الف عامل وفني فلسطيني» على مدى ثلاث سنوات. واكد ان «المكاتب الهندسية والاستشارية والشركات التي تتولى تصميم المشاريع وتنفيذها فلسطينية محلية، للمساهمة في تشغيلها». كما ستقوم الشيخة موزا ضمن برنامج منفصل بتدشين عدد من المشاريع التي تمولها مؤسسة قطر. وسيزور الامير مقر الجامعة الاسلامية في غزة، وستحضر اللقاء شخصيات اكاديمية وسياسية وحقوقية قبل مغادرته غزة. ورأى استاذ العلوم السياسية في جامعة الازهر ناجي شراب، أن الزيارة لها «أبعاد سياسية وانسانية وشخصية، إذ تحقق إنجازاً لامير قطر كونه اول زعيم عربي واسلامي يزور غزة». وأشار الى أن الزيارة «تدعم حكومة حماس، لذلك يربط البعض الزيارة وتعميق الانقسام، لكنني اعتقد في الوقت نفسه ان زيادة دور قطر في غزة يمكن ان يزيد من نفوذها في تحقيق المصالحة». في هذا السياق، نفى النونو ان تكون هذه الزيارة «تعزز الانقسام كما يدعي البعض»، مؤكدا انها تأتي «لدعم صمود الشعب الفلسطيني». وأجرى امير قطر اتصالاً هاتفياً بالرئيس محمود عباس مساء الاحد أبلغه فيه برغبته في زيارة غزة لافتتاح بعض المشاريع لاعادة اعمار القطاع. ورحب عباس بجهود قطر في دعم غزة، لكنه اكد «ضرورة الحفاظ على وحدة الارض الفلسطينية وانهاء الانقسام»، وفق بيان بثته وكالة الانباء الفلسطينية الرسمية (وفا). ورأى المحلل السياسي شراب ان هذه المكالمة الهاتفية هدفت «لطمأنة» السلطة الفلسطينية. في هذه الاثناء، اعلن النونو انه تم توجيه دعوة رسمية الى حركة «فتح» للمشاركة في استقبال امير قطر. ونقلت عنه وكالة «سما» قوله ان مسؤول العلاقات الوطنية في «فتح» الدكتور عاطف ابو سيف «ابلغنا رسميا اعتذاره عن المشاركة في استقبال الامير». وكانت حركة «فتح» في قطاع غزة اكدت إن حكومة القطاع لم توجه لها أي دعوة لحضور حفلة استقبال الأمير القطري. ونقلت وكالة «الاناضول التركية» عن رئيس اللجنة القيادية العليا لحركة «فتح» في غزة يحيى رباح قوله إن «حكومة غزة لم توجه لنا أي دعوة لاستقبال الوفد القطري، وفي حال وجهت الينا دعوة سندرسها، ولا يمكن استباق الأمور». وتساءل: «هل حصل الوفد القطري على موافقة القيادة الشرعية المتمثلة برئيس السلطة لزيارة غزة؟»، معتبراً أن أهداف الزيارة «غير واضحة».