لم يفاجئني الخبر ولم تقنعني تبريرات والد العريس الذي طلّق زوجته بعد خمس دقائق من عقد النكاح، تبريرات والده لم تخرج عن أن العريس لديه «سكّر» وهو متهوّر ومعروف بتهوّره. الحقيقة لا تكمن في مرض العريس بالسكّر، الحقيقة تكمن في سبب المشكلة وسبب الطلاق، وهي في نظري سبب واحد ومنتشر وشائع ومعروف، ويُتداول على نطاق واسع جداً، ولا أعرف سببه حتى اللحظة ولماذا هو ضمن ثقافة المجتمع حتى بتنا نوصم بها؟ والغريب أننا نعتقد أنه شطارة وتحيّن فرص وذكاء وفهلوة، وهي لا تخرج عن ثقافة لوي الذراع الذي لا أحبه ولا أستسيغه ولن أفعله ما حييت. قبل مدة قرأت تصريحاً لأحد المسؤولين - ربما كان أحد رجال الشرطة - عن الخادمات ومشكلاتهن التي نوقشت أخيراً بعد مقتل الطفلة تالا رحمها الله. أنهى تصريحه بضرورة عدم إخبار الخادمات بموعد سفرهن اتقاءً لشرهن وابتعاداً عن الانتقام! لماذا ستنتقم منا خادمات أحسنّا معاملتهن؟ ولماذا يجب ألا تعرف موعد سفرها؟ ولماذا أحرمها من شراء حاجات السفر وهدايا لأولادها؟ لماذا أحرمها من زيارة الكعبة ووداعها لو كانت مسلمة؟ لماذا الغدر ولماذا عنصر المفاجأة؟ كيف سأنظر في عينيها في المطار وهي لبست على عجل، ربما بملابس المنزل المتسخة لأقول لها وداعاً سترحلين اليوم؟! كثيراً من الزواجات تفشل قبل بدايتها من أجل هذا السبب، وهو الإحراج أو استغلال الفرص. لماذا لا يكون هناك اتفاق مبرم عن المهر المطلوب قبل عقد القران؟ لماذا أضع العريس وأهله في موقف محرج إن رضوا به وهم غير سعداء بالطبع «سيخرجوا غضبهم على العروس لاحقاً»، وإن رفضوه أصبحت سيرتهم على كل لسان وتضررت أيضاً العروس لتصبح مطلقة في أقل من خمس دقائق فقط! لماذا لا نكون صرحاء ونترك للطرف الثاني حرية الاختيار والموافقة برضا تام وبصفاء نفس؟ لماذا يجب أن نلوي ذراع الآخرين؟ مستغلين الفرصة لإعلان خبر غير سار، مثل بعض الرجال الذين يفاجئون زوجاتهم ليلة الزفاف ليخبرونهن أنهم لا ينجبون مثلاً، أو أنهم متزوجون ولديهم أبناء، أو أنها ستسكن عند والدته مثلاً ملحقاً: «إن رغبتِ الموافقة فلك ذلك وإن رفضتِ أخبريني»، مستغلاً ظروف الفرحة والبهجة والضيوف والأهل، ضارباً بكل وعوده عرض الحائط، وعندما تسأله معاتبة لماذا لم تخبرني من قبل يرد: «كنت سترفضين» لو فعلت! هذا يعني أنه يعلم أنها ستوافق مكرهة وليست راضية تمام الرضا، وهذا بالضبط ما أعنيه من كلمة لوي الذراع. الصراحة في اللحظات الحرجة التي يصعب فيها الاختيار والتي تنتفي خلالها الحرية، لأن الخاسر الأوحد هو من يرفض هذه المساومة الدنيئة. الغدر الغدر الغدر والكذب والغموض هي من أسباب مشكلاتنا الاجتماعية، وربما هي السبب الأول في ازدياد حالات الطلاق والخيانة والتشتت وغيرها، فهل نبدأ بالتغيير مهما كان الثمن؟