وأبادر فأقول إنه مستقبل مظلم، ولكن لنبدأ من البداية، فعندما تأسست المملكة العربية السعودية، كان أول شيء اهتم به الملك عبدالعزيز هو التعليم، وأسس مدارس كانت تعرف بالأميرية، وكان معظمها أو كلها في الحجاز، لأن بعض المناطق الأخرى رفضت إقامة مدارس في مناطقها، وحتى في الحجاز لم يكن الآباء في الغالب متحمسين للمدارس، وكان الابن عندما ينتهي من الدراسة الابتدائية يخرجه والده من المدرسة، ويوظفه في وظيفة حكومية، ولهذا فعدد طلبة دفعتي الذين حصلوا في التوجيهية قسم علوم في عام 1952 في كل المملكة لم يتجاوز اثني عشر طالبا، ولهذا ايضا وبعد مرور 80 عاما من التعليم نعاني نقصا كبيرا في الأطباء والمهندسين والصيادلة والفنيين، وكنا نعوض النقص بالاستقدام من بلدان مثل مصر والباكستان، ولكن هذه البلدان مع التقدم والنمو الذي اصبحت تحققه كل عام أصبحت لا تستغني عن أطبائها ومهندسيها وصيادلتها، فبدأنا نلقي جولة حول العالم، ونبحث عن دول نستقدمهم منها، فلم نجد إلا القليل من الدول التي يمكن أن تستغني عنهم مثل كوبا، وبعد سنين لن تطول لن نجد ما نريده في أي دولة في العالم مهما دفعنا من مرتبات، وما حدث بالنسبة للأطباء والمهندسين وغيرهم من الفنيين سيحدث للعمالة.. في البداية كان هناك اليمنيون في المنطقة الغربية والعمانيون في المنطقة الشرقية، ولكن عندما بدأت بلادهم تنمو رجعوا إليها وخاصة العمانيين الذين لن تجد الآن أحدا منهم يعمل في المملكة، بل إن السعوديين قد يجدون أعمالا في عمان أفضل مما قد يجدونه في المملكة، وبعد اليمنيين والعمانيين اتجهنا لاستقدام العمالة من الهند وباكستان وبنغلاديش، ولكن هذه البلدان بدأت تنمو وتتطور، وبعد سنوات قليلة، لن نجد عاملا نستقدمه منها، فهل نستطيع أن نستعيض عنهم بغيرهم من أصقاع الدنيا المختلفة، ودعك عن السعوديين فهم لن يحلوا محلهم وخاصة في أعمال كجمع النفايات وتسليك المجاري وحتى بعض المهن الأخرى. وعلينا السلام.