إن مقالي هذا موجَّه إلى الجمعيات الخيرية في الوطن العربي، وإلى المتبرعين الذين يبحثون عمّا هو خير وأبقى. داعية فيه الجمعيات التي تتخذ من الشفافية مبدأ لا تحيد عنه لعملها، حفاظاً منها على أموال المتبرعين وحقوق المتبرَّع لهم. أوجز مجموعة من المعايير التي يجب على الجمعيات الخيرية اتباعها، ومحاذير عليها الابتعاد عنها، وهي كالآتي: 1 - خلوّ العمل الخيري من الأهداف الغامضة: إذ يجب ألا تكون للجمعية الخيرية أيّ أهداف مشبوهة أو (أجندات) غير واضحة غير سعيها إلى مدّ يد العون الصادقة والنابعة من القلب إلى القلب، إلى كلّ محتاج في أرجاء المعمورة. 2 - الإعلان عن البيانات المالية: على الجمعيات والمؤسسات الناشطة كافة في العمل الخيري، أن تعلن عن بياناتها المالية عند إصدار تقارير مالية ربعية وسنوية، تحقيقاً لمبدأ الشفافية في الإيرادات والمصروفات، كما هي الحال في الشركات المساهمة العامة؛ لأن المتبرعين هم المساهمون، ومن حقهم معرفة وضع الجمعية. 3 - التدقيق المالي: يجب أن تخضع التقارير المالية جميعها والصادرة عن الجمعيات، لخبرة شركة تدقيق ماليّ تصادق على هذه النتائج بوصفها طرفاً محايداً، ما يضفي على التقارير صبغة قانونية ومحاسبية. 4 - البعد عن النشاط السياسي: يجب على الجمعيات الخيرية ألّا تغرق نفسها في العملِ السياسي، فيُحرم بعض المحتاجين من الحصول على المعونات اللازمة، ممن ليس لهم أي انتماء فصائلي أو سياسي أو طائفي يتوافق وهوية الجمعية. 5 - عمل الخير ليس مظهراً اجتماعياً: ليسَ من العدلِ أن يكون العمل الخيريّ غطاء اجتماعياً أو مظهراً للتباهي، كما أخذت بعض الشخصيات المهمة، تتغطّى به لتحسين صورتها أمام المجتمع. بل إنه واجب على كلّ فرد، ومسؤولية تقع على عاتق كلّ إنسان لمساندة أخيه الإنسان في كلّ مكان . 6 - تحديث وسائل جمع التبرعات: لجعلها تتلاءم وجيل الشباب، وحتى لا يقتصر العمل الخيريّ على أصحاب الثروات والزكاة والتبرعات المحدودة فقط. 7 - تنمية روح العمل الخيري لدى شرائح المجتمع كافة: لتشمل الطفل والشاب والمرأة. لذلك نطمح إلى أن نرى وسائل لجمع التبرعات ترافقنا في رحلاتنا، وبيوتنا، ومكاتبنا، ومدارسنا، وتبحث عنّا دون أن تنتظر من يطرق أبوابها. 8 - استقطاب خبرات متخصصة في التسويق: واستخراج وسائل حديثة لتطوير آلية التبرع، ولتكن على نحو دائم وغير منقطع على مدار العام. 9 - البحث عن النماذج الناجحة وتطبيقها: لضمان زيادة المداخيل ومضاعفتها، ما يصب في مصلحة المتبرع لهم. 10 - الحرص على صرف التبرعات التي تأتي من أهل الخير في مكانها: وتمكين المتبرّع من الاطلاع على المشروع الذي تبرع له؛ لأن ذلك يضمن للجمعية سمعة طيبة، واستمرارية في تدفق التبرعات إليها. 11 - إبلاغ الجهات الحكومية عن أي شبهة: على الجمعيات الخيرية بأن تبلغ الجهات الحكومية، عن أي اتصال أو محاولة لإمدادها بالتبرعات من خارج الدولة؛ لأن بعض الجمعيات باتت واجهة لتمويل الإرهاب وغسيل الأموال، ما يشوّه صورة هذه المساعي النبيلة. 12 - تحسين إدارة النقد في الجمعيات الخيرية: لتحمي نفسها من (العجز الدفتري)، والذي غالباً ما يشكّك في كفاءة الجمعية على إدارة أموال التبرعات. 13 - المتابعة والرقابة جزء من منهجية عمل الجمعيات الخيرية: لضمان تأديتها خدماتها بكل جودة ودقة عاليتين للمعوزين والمحتاجين. 14 - تكاتف الجهود للإسهام في مشروعات التنمية: يجب على الجمعيات الخيرية في الدولة الواحدة أن تتواصل فيما بينها لتنظيم العمل الخيري قدر الإمكان، وتقديم خدمات متنوعة تغطي الدولة كلها وفق رؤية موحّدة. ساعدونا- وأنتم أهل الخبرة- لجعل التبرعات عملاً سهلاً نقوم به، ومتوافراً وحاضراً أمام أعيننا في ظلّ انشغالنا بأعمالنا اليومية. واجعلوا أعمالكم مثل واحة نستظلّ بها بعد طول سفر، واستراحة للروح كلما ألمّ بها حدث جلل. أشركونا لذة الفرحة التي تعيشونها، عند إغاثة ملهوف، وإيواء يتيم، وكسوة مسكين.