أذكر في بداية الثمانينيات الميلادية أي قبل حوالي 30 عاماً وحينما فاض الكيل بالناس من تجاوزات رجال المرور أن تم التفكير بإصدار دليل مكتوب يُحدد الخطوط العامة وكذا التفاصيل فيما هو مطلوب منهم فعله وما هي المحذورات عليهم.. نظام المرور لم يُحدد كيفية الأداء الميداني أو التعامل مع الجمهور. مواد وبنود النظام وحتى لائحته التنفيذيّة تُحدد تعريفات كل ما له صلة بالعمل المروري وكذا في الترخيص للمركبات والسائقين ثم في كيفية الفصل بين أطراف الحوادث المرورية وأيضا ملحقات تم فيها تحديد أنواع المخالفات المرورية وتصنيفاتها والعقوبات المترتبة على مرتكبيها. إنما كيف يتم تنفيذ المهام وأسلوب تنفيذها فلم يتطرق لها النظام. من هنا أعتقد البعض من رجال المرور أنفسهم (آنذاك) سلاطين للشارع والمتحكمين في خلق الله. فأصاب العلاقة مع مستخدمي الطرق الارتباك المشوب بعدم الاحترام المتبادل. دليل رجل المرور الميداني كان هو الحل. تم استخلاص كل ما له علاقة بالعمل الميداني التطبيقي من النظام ولائحته التنفيذية وكذا من التعاميم الصادرة لكيفية التعامل مع المخالفين وغيرها. طُبعت في دليل صغير أنيق يمكن وضعه في جيب العسكري للرجوع له وقت وقوع حالات لا يعرف كيفية التعامل معها. بعد هذه الخطوة الصغيرة خفّت وبشكل ملحوظ شكاوى الناس من التعامل الجاف والتطبيق التعسفي لنظام المرور. أقول ما قرأتم أعلاه وأنا أشعر وكأن الزمن يعود بي للوراء حين قرأت الخبر المنشور في هذه الجريدة يوم الثلاثاء المنصرم 2 أكتوبر 2012م ونصّه التالي (وطالب المجلس "أي مجلس الشورى" الرئاسة "أي الرئاسة العامة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" بأن تضع منهجاً علمياً إرشادياً للعاملين في الميدان يُحدد المنكرات التي تتطلب التدخّل من أعضائها للقضاء على الاجتهادات الشخصيّة وتضييق السلطة التقديرية لعضو الهيئة التي ينشأ عنها عدد من السلبيات لعملها). مطالبةٌ سبق وأن ألححتُ عليها في برنامج (يا هلا) مع الزميل علي العلياني على قناة روتانا خليجية أثناء تعليقي على خبر تجاوز خطير لرجال الهيئة في التعامل مع حالة حدثت في جدة واعتدائهم على نساء داخل منزلهن بحجة بلاغ وردهم من الجيران. وكررت المطالبة أكثر من مرّة في برنامج صباح السعودية على القناة الأولى في التلفزيون السعودي وكل تلك المطالبات مُسجلة باسمي على الموقع الشهير (يوتيوب). إيجاد دليل يُحدد المنكرات التي تتطلب تدخل الهيئة وفرض تطبيقه يُريح الناس حتى يعرفوا رؤوسهم من رجليهم ويريح الهيئة أيضا من كثرة الشكاوى عليها لتتفرغ لأداء مهمتها بكل هدوء وأريحية.