سوق عكاظ المتين وأشكال المثقفين..!

هَذه الأيَّام نَعيش رَوائح سوق عُكَاظ الذَّكيّة، وأوقَاتهِ البَهيَّة، وسيَكون لِي مَع السُّوق وَقفَات ووَقفَات، سأنثُر خُطواتها في مُلحق الأربعَاء الأدبي، لقُربِها إليهِ، ولاتّصالِها بِهِ..!
وقَبل الخَوض في كُلِّ شَيء أقول: لقَد دَعَاني صَديقي الحَميم؛ وأُستاذي الكَريم د. "سعد مارق"، رَئيس اللجنَة المُنظِّمة لسوق عُكاظ، لتَناول الغِذَاء في يَوم الخَميس المَاضي مَع أعضَاء اللَّجنة التي تَعمل وتَتَّصل بالمُثقَّفين، لدَعوتهم والتَّواصُل مَعهم لحضُور سوق عُكاظ، ووالله إنِّي غَصصتُ بالطَّعام عِدَّة مَرَّات خَجلًا مِن تَصرُّفَات بَعض المُثقَّفين، التي تُشابه تَصرُّفات المَرضَى النَّفسيين، أو أولَئك الذين يَشعرون بنَقص في عقولهم..!
تَخيّلوا أنَّ بَعض المُثقَّفين يَحصل عَلى تَذكرة سوق عُكاظ -ذِهابًا وإيَابًا- ثُمَّ لا يَحضر، ولا يُعيد التَّذكرة، فيَستبيح مَالًا حَرامًا، أو قَد يُحوِّل التَّذكرة إلى بَيروت، أو إلَى المَغرب..!
وصِنفٌ آخَر حَالته تَدعو إلَى الضَّحك، فهو يُغيّر حَجزه وتَاريخ رحلته؛ ثُمَّ يَغضب عَلى لَجنة الاستقبَال، لمَاذا لَم يَستقبله أحَد؟، مَع أنَّه لَم يُحط اللَّجنة عِلمًا بتَغيير رحلته ووَقتها الجَديد..!
وصِنفٌ ثَالث كَان في استقبَاله سيّارة فَخمة تُسمَّى "جيمسًا"، فرَفَض الرّكوب بهَا بحجّة أنَّها لا تَليق بمَقامهِ، ولَم يَرضََ الرُّكوب حتَّى أحضروا لَه سيّارة مِن نوع "فورد"، بَيضاء اللَّون تَسرُّ النَّاظرين..!
وصِنفٌ رَابع صِلَة الرَّحم عِندهُ أقوَى مِن صِلَة الثَّقافة، فهو يَأتي في أوّل يَوم، ويَذهب للتَّواصُل مَع أقَاربه، وتَحصيل بَعض الدّيون؛ التي حَلَّت عَلى بَعض زَبَائنه في الطَّائف، وفي آخر يَوم يَأتي ويَشدُّ حَقائبه عَائدًا إلى مَدينته..!
وصِنفٌ خَامس مِن المُثقَّفين عجيب، اشتَرَط عَلى اللجنَة المُنظِّمة أن يَكون لسَائقهِ غُرفَة بجوَار غُرفته، حتَّى إذَا مَا احتَاجه في أي وَقت؛ يَجده حَاضرًا مُتأهِّبًا..!
وآخر أنوَاع المُثقَّفين سُخرية وضِحكًا؛ ذَلك الذي يَأتي ويَجلس طِيلة الأيَّام في غُرفتهِ، ولا يَحضر أيًّا مِن الفعاليّات، ثُمَّ يَعود بَعد أيَّام، ويَكتب عَن فَعاليّات سوق عُكاظ، وعَن أنَّها فَعاليات بَاهتة، ولا تَستحق أن تُسمَّى فَعاليّات ثَقافيّة..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: الحمدُ لله الذي جَعل بَيني وبَين بَعض المُثقَّفين؛ مَسافة زَمنيّة ومَكانيّة كَبيرة، بحَيثُ لا أُصاب بهَذا الجنُون الذي يَعتريهم، مَع أنَّه قَد نَالني شَيءٌ مِن شَرارهِ وشَظَايَاه..!!!