تعد خطة تطوير المعهد العالي للقضاء في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض خطوة في الاتجاه الصحيح. وتعتبر من ضمن المبادرات الرئيسية لدعم الإصلاحات في النظام القضائي السعودي، إذ سوف يتم تقديم برامج الماجستير والدكتوراة لإيجاد خريجين مؤهلين ومهرة ممن يستطيعون خدمة العدالة على نحو أفضل، وعليه فإنه من المتوقع أن يتمكن التدريب المقدم في المعهد العالي من تحقيق انتظام ومهنية أعلى في النظام القضائي الحالي. وسيكون لهذا المعهد دور كبير في إنتاج خبراء قانونيين بمؤهلات متخصصة لمعالجة القضايا الفقهية المعقدة، فعلم القاضي وخبرته هما الأساس في الأحكام المنصفة والعادلة. وبزيادة عدد القضاة الأكثر كفاءة وفعالية يصبح ممكنا تعجيل إجراءات المحكمة المؤجلة والتي كانت تطيل معاناة الكثير من الضحايا الأبرياء فالعدالة المؤجلة هي عدالة محرومة. وسوف يعمل المعهد أيضا على أن تطبق المحاكم القضائية تلك الطرق الموصى بها، فالمحاكم المتخصصة والتي أنشئت لتجنب الخلافات الفقهية تحتاج لخبراء أكثر دراية في المسائل القانونية الخاصة بنزاعات في العمل والتجارة، بالإضافة للقضايا المدنية والجنائية. فمسلمو اليوم لن يستطيعوا العيش بالزمن الماضي والبقاء في عزلة عن باقي العالم، فنحن نعيش في قرية عالمية مترابطة وتنافسية للغاية. ولذلك فإنه على القضاء السعودي أن يزداد ألفة مع القوانين الدولية ويعترف بأن التفسيرات الجامدة للشريعة تحتاج إلى إعادة نظر كي تخدم حاجات المجتمع السعودي على نحو أفضل. ويعتبر إنشاء مجمع الفقه الإسلامي في المملكة العربية السعودية تطورا واعدا آخر، حيث يعتبر من المهم اليوم المواجهة الجدية والموافقة على وجهات نظر الشريعة حول الشؤون المعاصرة لخلق مجتمع إسلامي أكثر ترابطا والذي يحترم جميع الطوائف، بالإضافة إلى أنه يجب على المسلمين السعي أيضا نحو أرضية مشتركة توحدهم وتتجنب مسائل الاختلاف. كما أننا نحن المسلمين لدينا مسؤولية تجاه وطننا بضمان احترام حقوق الإنسان وبأن العدالة قد تحققت. وعلى القضاة والمحامين أن يتدربوا بشكل أفضل لحماية مصالح الجميع بما فيهم المحرومون وحماية حقوق العاجزين والمعتدى عليهم. وفوق ذلك كله فإنه على القضاة والخبراء القانونيين واجب تنفيذ حكم القانون بفعالية. إن وجود سلطة قضائية فعالة وقوية هو شرط أساسي لحماية حقوق الإنسان، ولتنمية وتقدم اقتصادي مستديم. لذلك دعونا نأمل في أن يساهم تطوير المعهد العالي للقضاء في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في تعزيز نظام العدالة في المملكة العربية السعودية وتفعيل السلطة القضائية السعودية بشكل أكثر مسايرة للعصر، وعليه فإنه لدى خريجي المعهد مسؤولية مهمة في خدمة حاجات المواطن السعودي للقرن الحادي والعشرين.