الموضة الآن في مجتمعنا أن تكون (ضد) فإذا لم تفعل اتهمت بأنك منافق ومطبل ولا يهم ضد ماذا ولماذا وما الذي تريده من ضديتك؟ فالأهم أن تظهر رأياً وتجلجل بصراخ وتحرض دون أن تعطي نفسك فرصة لتتساءل ما هو السبيل الأفضل لتحقيق ما أريد؟ لأنك لو تبصرت وتوصلت إلى الإجابة فلن تجرؤ على التصريح بها فهي مرتبطة بك. فأنت أول خطوات التغيير الإيجابي الذي تريده ودعني أضرب لك أمثلة بسيطة تبدأ من بيتك. اسأل نفسك لماذا تقوم الدنيا ولا تقعد عندما تقرر الخادمة الانسحاب من خدمتكم وكذلك السائق؟ لماذا يتعالى التذمر وتختلط الأوراق. دعني أجب، لأن معظم الأفراد في الأسرة يرفضون العمل ومد يد العون لن يخطر ببالهم أن يتقاسموا العمل مؤقتاً أو أن يغيروا نظام حياتهم اليومي الذي اعتادوا عليه لسنوات. سأخوض في تفاصيل أكثر فإذا كنتم مثلا اعتدتم على تناول الغداء في الساعة الثانية ظهرا، ما المانع أن يؤجل هذا الموعد إلى الرابعة أو الخامسة مع تعديل في المواعيد الأخرى. نريد أن تطال يد التغيير كل شيء ولكن بعيداً عنا لأننا ضد التغيير. على الجميع حولنا أن يخدمونا وليس لدينا أدنى استعداد لنخدم نحن أيضاً أنفسنا ومن حولنا. هكذا لن نفلح ونحن فعلاً لا نفلح لأننا في كل مكان نريد من يخدمنا فقط وننسى دورنا ولو في أدنى أشكاله!!وإذا كنت اعتدت أن تقوم من الطاولة إلى السرير فعليك أن تستبدل ذلك بأن تحمل صحنك إلى المطبخ وتفرغه من البقايا وتضعه في حوض الغسيل. وإذا كنت تخرج مساء ويدك لا تحمل سوى مفتاح السيارة فما المانع أن تحمل في اليد الأخرى كيس القمامة لتضعه في مكانه خارج المنزل. وقس على هذا أدواراً أخرى لبقية أفراد الأسرة.. خذ مثالاً آخر: حاول أن تتجول في كورنيش الدمام أو الخبر في الساعة العاشرة وما بعدها صباحاً سترى أرصفة ومسطحات خضراء نظيفة. وعد إلى المكان نفسه في الساعة الثانية عشرة ليلاً وتأمل الفرق بين ما رأيته في الضحى وما رأيته فيما بعد. في الصباح اجتهد عمال النظافة ليلموا أوساخاً متنوعة الأشكال والأحجام ومساء جاء رواد الكورنيش ليستمتعوا ويتركوا كل بقاياهم هناك بلا أدنى احساس بالمسؤولية. والغضب كل الغضب سيصب على الدولة بكل هيئاتها أما هو فليس عليه أن يبالي إلا بكرسيه أو سجادته او مأكولاته ومشروباته فقط. وما يحدث في الكورنيش وبيوتنا هو نفسه الذي يحدث في كل مكان في المدارس والدوائر الحكومية وغيرها نريدها أن تكون كما يجب أن تكون لنا وليس لدينا الاستعداد لنعطيها جزءاً من اهتمامنا وحذرنا ورقينا في التعامل مع المكان نريد أن تطال يد التغيير كل شيء ولكن بعيداً عنا لأننا ضد التغيير. على الجميع حولنا أن يخدمونا وليس لدينا أدنى استعداد لنخدم نحن أيضاً أنفسنا ومن حولنا. هكذا لن نفلح ونحن فعلاً لا نفلح لأننا في كل مكان نريد من يخدمنا فقط وننسى دورنا ولو في أدنى أشكاله!! والأسوأ أن مطالبتنا بالتنظيم والقانون والعقوبات عندما تسن نكون نحن أول من يعترض عليها وكأننا نقول: إياكم أن يمسنا قانون ما وليس ما حدث مع (ساهر) ببعيد عنا فقد قوبل بتحد أهوج وأحمق مع أنه نظام نلتزم به في كل مكان ولكن هنا لا، دعوني أسرع وأهدر الأرواح وأنتم تصرفوا نظموا المرور بعيداً عني.. إن سعير الضدية يشتعل ويشعلنا معه في توافه الأمور وعظائمها ولكن للأسف بطريقة فردية وغير حضارية وبعيدة كل البعد عن اظهار اقل القليل من احتمال المسؤولية.