كنت قد كتبت قبل فترة وتحديداً في العدد 16045 من جريدتنا الغراء مقالة عن ضحايا الإعلام الجديد من الشعراء، والحقيقة إن ضحايا هذا الإعلام لا تتوقف على الشعراء وحدهم، فقد ساهم هذا الإعلام مساهمة فاعلة في كشف أقنعة، وإسقاط رموز، وتعرية مستترين، نعم لقد سحق (تويتر) كل كبرياء وتعال، وجعل الجميع في مستوى واحد وعلى محك مباشر للمناقشة والحوار بل والنقد والمحاسبة أحياناً، فقد هُدمت الحصانة الثقافية تماماً، واختفت الوصاية الفكرية تقريباً، ولكن مع تنمية (تويتر) ثقافة الحوار بصفة عامة إلا أن السابحين في الأطراف ظلوا يمارسون نوعاً من المناورات المراوغة، بعيداً عن المواجهة إلا بالبلوك BLUCK، هذا الأمر خلق نوعاً من رهاب الارتياب عند الطرفين نحو كل شخص يعارضهم أو لا يؤيد أطروحاتهم، مهما كان اتجاهه وذلك بتلفيق التهم واستنهاض الشتائم فأصبح لكل تيار جمهوره الغوغائي فزاد الطين بلة!. وبعيداً عن هذه المناورات فالتويتر حافل بالجمال الفكري والحضور الشعري الذي تسجله الأسماء الكبيرة المشهورة والأسماء الصغيرة المغمورة، فالاسم الشهير يرسخ ثقل مكانته والآخر يبني صرح إبداعه، وأغلب المثقفين والشعراء سجلوا حضورهم في فضاء التويتر تغريدة إثر تغريدة، ولا نعدم وجود مساق يبعث على التسلية والسرور كما لا نعدم ال (هاشتاقات) المثيرة. وممن لفت نظري من الشعراء الشعبيين الشاعر محمد النفيعي الذي يسجل حضوراً لافتاً وجريئاً ويمرر أفكاره بسلاسة عجيبة تكثف ال 140 حرفاً ليكون الحرف بحجم الجملة وهذا أمر لا يستغرب على شاعر مبدع ومتمكن وخبير مثل محمد النفيعي، ويبرز الشاعر عفاس بن حرباش بتغريداته المتدفقة من ينبوع الشعر العذب بيتاً بيتاً وهناك كثير من الشعراء المتألقين الذين تضيق المساحات بتعدادهم، وفي هذا الفضاء ربما يتهيأ ميداناً للمحاورة التي يتبادلها الأصدقاء الذين جمعهم التويتر وهم لم يجتمعوا من قبل، وهذا ما حدث معي مصادفة ومن دون ترتيب مسبق مع المغرد المتعدد المواهب الأستاذ فيحان العتيبي، أعرض لكم جزءاً من هذه محاورة الودية: فيحان: اللي يقوله راعي الرمش مقبول لو ما عجبنا الهرج خلّه يقوله ما دام هرجه تالي الليل معسول الله يخلي الزين عرضه وطوله الرد: الزين يا فيحان يبغى له دلول يزهى وتزها به بنات الحمولة والحب ضيّع قيس وعيونه الحول مير انتبه لا ترتجز في وحوله فيحان: دنياً هيال وتالي الزول منقول والعمر فاني والليالي عجولة مير اكسب اللذات مع كل مجمول هذي قوانين الزمن والرجولة الرد: كانك مع الشقرا على العالم تقول شيٍ تقوله والله إني ما أقوله مخيول من حسبة ثمانين مخيول تحت لهيب الشمس دوّر نعوله