عند النظر إلى مواردنا الطبيعية وتنوعها في السنوات الأخيرة، والبدء في التفكير العقلاني في استغلالها بشكل أمثل، ووعي المواطنين بأنهم شركاء في التنمية بحق المواطنة، نشعر بأنه من الممكن أن يحتل دخل المواطن السعودي المرتبة السادسة في قائمة الأعلى دخلاً على مستوى العالم في عام 2050م حسب تقرير نشره مركز أبحاث فرانك نايت المتخصص في المال، والذي نشره موقع سمارت بلانت. صحيح أننا لم نتجاوز مشكلتنا المزمنة منذ عقود طويلة، وهي اعتماد إيرادات الميزانية على النفط بشكل رئيس، لكن الموارد الطبيعية الأخرى، من معادن وغاز وفوسفات، ومن صناعات أساسية وتحويلية، ومن مدن منتظرة في رأس الخير ووعد الشمال، هي مؤشرات حقيقية تبشر بقفزة كبيرة للبلاد، وتضاعف الناتج الإجمالي بإذن الله. وفي المقابل يمكن أن يتحول تقرير فرنك نايت إلى حلم ليلة صيف، ولا يتقدم دخل المواطن إلى الصفوف الأمامية متجاوزاً كثيراً من الدول المتقدمة، بل يتراجع إلى المرتبة الستين، بسبب إهدار هذا الناتج الضخم، وتحوّل إيرادات الحكومة إلى الصرف بمبالغة غير محسوبة على مشروعات تنموية يمكن تنفيذها بأقل من نصف الأرقام التي يعلن عنها، فلا جدوى من ارتفاع دخل الإنسان العادي إذا كان يصرفه بشكل غير واقعي على سلع أساسية أو كمالية، دون أن يعقد مقارنات بين سعر هذه وتلك، كذلك الأمر في الإنفاق الحكومي عبر مؤسسات الدولة، إذا كان ينجز المشروعات بأضعاف تكلفتها، تحت سياستي المحسوبية والمقاول من الباطن، فلا المشروع ينجز في وقته، ولا ينجز بالمواصفات المتفق عليها، لأن (دم) المشروع توزع بين (المقاولين)!. إذا أردنا أن يرتفع دخل الفرد، وتزداد رفاهيته، علينا أن نمنح هيئة مكافحة الفساد كل الصلاحيات والإمكانات التي تساعدها على أداء مهمتها في وأد الفساد المالي والإداري على الوجه الأكمل، دون أن تأخذها في الحق لومة لائم... صحيح أننا كنا نقول أن مجرد إنشاء هذه الهيئة يعد خطوة مهمة ومؤثرة، في الاعتراف بتفشي الفساد في المؤسسات، ولكننا نقول الآن بأنه لا جدوى من الهيئة ما لم تنجز تقريراً سنوياً بما توصلت إليه خلال العام، من رصد حالات الفساد وإهدار المال العام.. فإن أردنا أن تتقدم السعودية في سلم دخل الفرد عالمياً، علينا أن نفكّر بكيفية تقدمها في سلم الدول الأقل فساداً في العالم. أكاد أجزم أن دخل الفرد سيقفز إلى المرتبة السادسة ليس في العام 2050م، بل قبل ذلك بكثير، حينما نستطيع ترشيد الإنفاق الحكومي على مشروعات التنمية ومراقبته، خاصة إذا علمنا أن المملكة تحتل المرتبة السابعة والعشرين بين دول العالم في الناتج المحلي الإجمالي حسب إحصائيات صندوق النقد الدولي.