إما أن أكون جاهلا تماما بدور جمعية حقوق الإنسان والوظائف التي ينبغي أن تعنى بها والغرض الذي من أجله تم تأسيسها، وهو أمر وارد جدا، أو أن تكون جمعية حقوق الإنسان لا تعرف تماما هذا الدور فخرجت عما تم تأسيسها من أجله واختلطت عليها الوظائف والمهام، وهو أمر ليس بمستبعد. وإذا كان هناك من نعى على الجمعية أنها استنزفت جهدها في متابعة قضايا العنف الأسري حتى أوشكت أن تتفرغ لهذه القضايا منصرفة عما هو أولى بالمتابعة وأحق بالمراجعة مما يتصل بالأنظمة وما قد يشوبها من تجاوزات والأجهزة الحكومية وما قد يعرض لها من تفريط، فقد يكون للجانب الإنساني في قضايا العنف الأسري ما يبرر للجمعية ذلك الانصراف إلى ما انصرفت إليه وذلك التفريط فيما انصرفت عنه. غير أن الأمر الذي لا أكاد أجد له مبررا أو ألتمس فيه لجمعية حقوق الإنسان عذرا أن تنشغل بتجهيزات مصليات العيد ويرصد أعضاؤها ومندوبوها وممثلوها عدم جاهزية بعض تلك المصليات، وهو ما نهض به فرع الجمعية في الطائف والذي توج جولاته وملاحظاته بتقرير لمتابعة الموضوع مع الجهات ذات الاختصاص. ليس هناك من مبرر أن تنشغل جمعية حقوق الإنسان بموضوع له الجهات التي ينبغي أن تعنى به، والجهات التي يمكن لها أن تتابع وتراقب وتحاسب تلك الجهات المختصة فيما لو فرطت فيما ينبغي عليها القيام به، وإذا كان المواطنون قد وقفوا على شيء من إهمال مصليات العيد ولجؤوا إلى حقوق الإنسان في هذا الشأن فقد كان المتوخى من الجمعية أن تنصحهم بالتوجه إلى الجهات المعنية فإن تعسفت تلك الجهات مع المواطنين الذين يطالبونها بالعناية بالمصليات يكون دور الجمعية دفع التعسف عن أولئك المواطنين. إن الخدمة الجليلة التي ينبغي أن تقدمها الجمعية للمواطنين إنما تتمثل في توعيتهم بحقوقهم لدى مختلف الجهات والكيفية التي ينبغي لهم أن يتبعوها لحصولهم على هذه الحقوق، وليس دور الجمعية أن تتحول إلى مكتب للتعقيب على المعاملات لدى هذه الجهة أو تلك أو تنوب عن المواطنين في متابعة ما ينبغي أن يتابعوه بأنفسهم.. ولو أجازت جمعية حقوق الإنسان لنفسها أن تنهض بمهمة هي من صلب اختصاص المجلس البلدي لأجازت كل جهة لنفسها أن تزج بأنفها في كل أمر يعن لها أن تزج بأنفها فيه، ولو حدث ذلك لاختلطت الأمور وأصبحت حقوق الإنسان ضحية ذلك كله.