إذا دخل المريض المشفى عولج بالمغذيات ومنع من الطعام وفرض عليه الصيام فيشفى. ومارس غاندي اللاعنف في وجه الطغيان السياسي فكان الصيام أهم أسلحته. واعتبر ابن خلدون أن الغذاء يلعب دورا في تشكيل الأخلاق. وفي الحديث أن السكينة والوقار في أهل الغنم، والخيلاء والفخر في أهل الإبل ربما لنوعية البروتينات التي يتناولها الإنسان. وربما كان هذا السبب في تحريم لحم الخنزير لعلاقة البروتينات بالأخلاق. أما عندنا فيصوم بعضنا لينام فإذا أكل أكل نهما، وإذا شَرِبَ شَرِبَ شُرْبَ الهيم. والصيام لم يشرع لذلك. وعمليا تحولت العبادات عند بعضنا إلى ضرب من الطقوس، فلا نصلي خشوعا ولا نصوم وعيا، ولا نفهم أن الحج الأكبر هو بطارية شحن الروح السلامية للعالم على نحو دوري. تحول العبادات إلى طقوس، خطير يشبه عمل حزام محرك السيارة بدون وصلة بالدينمو لشحن البطارية فتتبخر الكهرباء من السيارة. وترجمة هذا إلى علم الاجتماع يعني غياب مظاهر الفعالية من المجتمع فيدخل ليل التاريخ. مع كل المواظبة على الطقوس. وفي السياسة إذا بطشنا بطشنا جبارين. فإما انتحرنا أو نحرنا، فلم نعد نرى الله ذلك الذي وسعت رحمته كل شيء، وإن شمسه تشرق على الأشرار والأبرار. ويصعب علينا في العادة أن نتصور ضغط الثقافة. ولو سألت أي إنسان هل وصلت إلى ما تعتقد بتمحيص ونقد شديدين أم أنك تفعل ما تفعل بسبب التقليد؟ لأكد بما لا يدع مجالاً للريب أنه وصل إلى العقيدة الصحيحة بتمحيص وعقل واقتناع، لكنه لو ولد في بافاريا في ألمانيا لكان ربما قسا كاثوليكيا، ولو ولد بين قبائل الزولو لربما عبد شجر الغابة ورقص بالحربة، والانتباه لهذا التفريق أصعب من قطع الأنف بالمنشار بدون تخدير. أبغض الأشياء على النفس الانتقاد، ولا تسكر النفس بخمر كالثناء، وهناك نوع من التساؤلات تمثل الأرض الحرام فلا يلج معاقلها أحد. فإن فعل رجم. يجب أن نعترف أننا ولدنا في بيئة إسلامية، رأينا آباءنا يصومون فنحن مثلهم نصلي ونصوم، وهذا يدفعنا أن نفكر بعمق فنكون أكثر تسامحاً مع الآخرين. والصيام لا يخص المسلمين فقد كتب على الذين من قبلنا، ولم يكن للمسيح عليه السلام أن يدخل التجربة قبل صيام أربعين يوماً.