الرئاسة العامة لهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتفق الجميع أنها تؤدي واجبات ومهام دينية وجهودا اجتماعية ورسمية واضحة .. وهي من أقدم الأجهزة الحكومية في المملكة ومن الأجهزة التي خدماتها شملت ولله الحمد عموم مناطق ومحافظات المملكة ... هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهاز اتفق الجميع على إيجابيات جهوده وأعماله ودوره في المجتمع في كل شؤونه .. وكما اتفق الجميع على إيجابيات هذه الجهود اتفق الجميع أيضاً على وجود "بعض" السلبيات التي شوهت بعض تلك الايجابيات التي يتميز بها قطاع الهيئة .. وهذه السلبيات يمكن القول إنها سلبيات متوقعة وإنها أمر طبيعي كما نراه في معظم أعمال ومهام القطاعات الأخرى في المملكة.. هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجدت لتبقى .. هذه حقيقه أكدها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز رحمه الله واسكنه فسيح جناته في مقابلة مع سموه في جريدة الرياض يوم السبت الموافق 23 جمادى الأولى عام 1428ه عندما أكد رحمه الله أن جهاز هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جهاز قائم منذ أن أسست الدولة ويجب أن يبقى ويجب أن يعزز ويطور .. وأكد سموه رحمه الله في تلك المقابلة أن الهيئة جهاز حكومي مثله مثل بقية الأجهزة الأخرى قد يقع منه أخطاء . بالطبع حديث الأمير نايف رحمه الله يعتبر شهادة من مسؤول ومن حكيم ومن خبير ومن صاحب قرار وسموه كان خير من يدرك الكثير من الأمور وهو خير من يعلم أين هي مصلحة المجتمع وهو خير من يدرك جهود وأعمال مثل هذا الجهاز على كافة المستويات والمجالات . وهذه الأيام عاد الحديث في المجتمع عن الهيئة وعن أدوارها وعن مهامها وعن منسوبيها وعن أداء عملها وإيجابياتها ولكن كان الحديث الأهم عن سلبياتها وذلك على إثر حادثة وفاة مواطن رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وإصابة زوجته وابنيه شفاهم الله وذلك على إثر حادثة مطاردة لهم من قبل أعضاء الهيئة في محافظة بلجرشي بمنطقة الباحة . وعلى إثر هذه الحادثة تم إيقاف خمسة من منسوبي الهيئة على ذمة التحقيق في هذه القضية . وكما هو متوقع وطبيعي مع هذه الحادثة كانت ردود الفعل عنيفة جداً تجاه الهيئة اجتماعياً وإعلامياً .. وكان من الطبيعي جداً ايضا أن تكون ردود الفعل أمام هذه الحادثة بهذه الحدة وذلك قياساً على طبيعة الحادثة وقياساً على آثارها المحزنة والمؤلمة التي راح ضحيتها أشخاص أبرياء ... والجميع يتفق إن شاء الله في عدالة التحقيق وعدالة بيان الحقيقة وفي عدالة الشرع عند الحكم في هذه القضية . السؤال الذي أصبح يفرض نفسه الآن وبكل قوة في ظل هذه الأحداث كيف تحولت مهام الحسبة والهيئة من مهمة " النهي " عن المنكر إلى مهمة " القبض " على المنكر ومطاردة المنكر !! مسمى الهيئة هو " الأمر " بالمعروف .. و" النهي " عن المنكر .. لكن كيف تحولت مهام رجال الهيئة في جانب النهي من واجب " نهي " عن منكر فقط إلى مهمة ( القبض ) على المنكر؟؟ اعتقد أن هذا نوع من التداخل بين الاختصاصات والواجبات بين الهيئة والجهات الأمنية التي أنيطت بها مثل هذه المهام . صحيح أن نظام هيئة الأمر بالمعروف ولائحته التنفيذية أعطيا الحق لمنسوبي الهيئة وخولاهم في ممارسة (القبض) على المنكر مع مهمة النهي .. ونظام الهيئة منح الهيئة أيضا التحقيق او المشاركة في التحقيق في بعض القضايا التي تتعلق بهم. لكن ذلك النظام ولائحته ارى انه اليوم يحتاج إلى إعادة نظر !! فالقبض على المنكر والمطاردات يفترض أنها نظاما وصراحة من مسؤولية الجهات الأمنية المختصة فقط كل حسب اختصاصه .. ومسؤولية التحقيق هي من مسؤولية هيئة التحقيق والادعاء العام . ودور الهيئة يجب أن يبقى وينحصر فقط في مهمة " النهي " المنكر فقط بكل السبل والوسائل وتتخلى عن مهام الضبط وهذا هو طابع اداء رجال الهيئة في بداية إنشائها .. ولو حصر رجال الهيئة جهودهم في مهمة الامر بالمعروف والنهي فقط عن المنكرات وأوكلوا مهام الضبط والمراقبة والمطاردات لرجال الأمن فمن المؤكد أنهم سيحققون نجاحا متميزا وكاملا، وسيحظون برضا اجتماعي شامل .. وحصر دور رجال الهيئة في هذا الدور هو إنفاذ لقول الله سبحانه وتعالى (.. وينهون عن المنكر) ولم يقل يقبضون على المنكر !! كلمة أخيرة .. يلاحظ أن رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يباشرون مهام أخرى كلفهم بها النظام وهي المهام الواردة في الفقرة الثالثة من المادة الأولى في اللائحة ومنها مراقبة تطفيف الموازين والمكاييل ومراقبة المسالخ للتأكد من صفة الذبح الشرعية .. لأن جل مهام الهيئة تركز في السنوات الأخيرة على مراقبة الاختلاط والقبض والمطاردات .. جريدة الرياض