انطلقت قبل أيام قناة «الميادين» من الضاحية الجنوبية، وهذا يعطينا دلالة واضحة عن الجهات الراعية لها، فهي تدعي الحياد ولكن في اعتقادي أنها من آخر المحاولات لإنعاش النظام السوري وتسويق هذا النظام المجرم الذي يقتل شعبه منذ أكثر من 15 شهراً، وتأتي هذه القناة وترفع شعار «الواقع كما هو»، ونجدها تبرر ما يحدث في سورية بطريقة ذكية، فهي لا تتجاهل ما يحدث في سورية كلياً ولكنها تقدمه بطريقة مخادعة لا تنطلي إلا على الأغبياء، فنجدها مثلاً تسمي الثوار السوريين بالمسلحين، وأنهم فجروا وقتلوا، والواقع أنهم ليسوا بالمسلحين، فكلنا يعرف أن غالبية الشعب السوري خرجوا في مظاهرات سلمية ولا يزالون مطالبين بالحرية والكرامة، وأن من يقوم بالقتل والتفجيرات والتدمير هي قوات النظام الحاكم هناك، ولكن القناة تُصر على تسميتهم بالمسلحين، وكأنها تبعث برسائل ملغومة تؤكد بطريقة ذكية أن الثورة مسلحة وأن هناك من يدعمها بالسلاح. قناة الميادين، التي استوحت اسمها من ميادين الثورات العربية، خصوصاً من ميدان التحرير، لم تذكر لنا الميادين والساحات السورية التي تعبر وبشكل واضح عن الثورات العربية، فما الفرق بين ميدان التحرير في القاهرة وميدان العباسيين في العاصمة السورية؟ لقد هللوا للثورات العربية في تونس ومصر ليبيا والى درجة معينة في اليمن، وأن الشعوب العربية ثارت من أجل الكرامة وعزة الأمة العربية، ولكن ماذا بشأن الثورة السورية، أليست ثورة كرامة وحرية ضد نظام لا يمت إلى شعبه بأي صلة؟ من خلال برامج القناة تجدها أعلنت أن القضية الفلسطينية هي قلب رسالتها الإعلامية، فهي تفرد للشأن الفلسطيني الكثير من البرامج، ولكنها لا تقف بالحياد من جميع التيارات السياسية الفلسطينية، بل إنها تدعم تيار «حماس» وتهمل أو تعادي تيار السلطة الفلسطينية، ولكن اعتبر أن تركيزها على القضية الفلسطينية هو توجه فيه ذكاء وخبث، فهي تعلم أن قضية ومأساة فلسطين هي في قلب كل إنسان عربي ومسلم، وتعني الكثير لنا جميعاً بسبب الظلم الواضح على الشعب الفلسطيني، وكذلك وجود المسجد الأقصي وما يعنيه للشعوب الإسلامية، وهي بالمناسبة اختارت توقيت القدس في برامجها وهذه حركة لها محددة. لقد تابعت معظم برامج القناة، سواء المباشرة أو المقابلات مع بعض الشخصيات السياسية العربية، ولفت نظري المقابلة التي أجراها مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، وبالمناسبة كان «ابن جدو» وديعاً مسالماً في حواره مع المالكي، والمعروف عن ابن جدو أنه محاور مشاكس وبامتياز، وقد اتهم المالكي بأن هناك دولاً خليجية تريد أن تلغي دور العراق العربي، وهذه بالمناسبة كذبة فجة، فما الخلاف مع المالكي من الدول الخليجية إلا بسبب ارتمائه في حضن النظام الإيراني، والغريب أن المالكي وابن جدو في تلك المقابلة لم يفتأوا دقيقة من الوقت إلا بمهاجمة الغرب، خصوصاً أميركا في تآمرها على العراق والثورات العربية، وقد تناسى ابن جدو أن من يجلس أمامه ويحاوره قد وصل إلى سدة الحكم على ظهر دبابة أميركية. أعتقد أن قناة الميادين انضمت إلى بعض وسائل الإعلام المحسوبة على حزب الله وبالتالي إيران، مثل «قناة المنار» و «العالم» و«البرس تي في» و«جريدة الأخبار»، ولكن السؤال يبقى هل تستطيع قناة تدعي الحيادية أن تنافس قنوات إخبارية عربية وناطقة بالعربية؟ وأعتقد أنها قد تنجح في ذلك بخطاب إعلامي يخاطب العواطف ويمس قضايا لها قدسية للشعوب العربية والإسلامية.