في لقاء أجرته (الشرق) الناشئة (15 مايو) مع معالي الأستاذ الدكتور/ عبدالوهاب أبوسليمان عضو هيئة كبار العلماء، سُئل الدكتور عن مدى إثراء تنوع المدارس الموجودة في الهيئة للاجتهاد، فأجاب بأن (هذا خطأ شائع عند العامة جميعاً، لست بحاجة إلى فقيه يحفظ النصوص، ولكنا بحاجة إلى فقيه يعيش الواقع... يعيش عصرنا بغض النظر عن مذهبه وأتساءل لماذا يتم التشبث بمساءلة المذهبية؟ فعلى سبيل المثال لو جئنا بمجموعة فقهاء من الحفظة ولا يعيشون عصرنا.. ما الفائدة؟). سؤال وجيه يُساق إلى أولئك الذين لا يفترون يرددون أقوال مجتهدين من القرون الغابرة، وكأنه (المقدس) الذي لا يجوز إعادة النظر فيه أو مناقشة خلفياته وحيثياته وأسبابه، مع أن العالم يتغير بسرعة، وما كان معتاداً في زمانهم، لم يعد كذلك اليوم والعكس صحيح، فما استجد في حياتنا اليوم لم يكن ليخطر ببال أحدهم في ذلك العصر. ومع أننا نردد باستمرار مقولة: (إن الإسلام صالح لكل زمان ومكان)، إلا أن البعض يفسرها بأن كل حكم أو رأي صالح في صدر الإسلام أو القرون القليلة التي بعده، فهو بالضرورة صالح لكل قرن يليه، في حين يعتبرها آخرون معايشون للواقع بأنها قدرة الإسلام على النظر بعين متجددة لكل طارئ جديد، وبقدرة علماء الأمة المستنيرين بنور الله على استنباط الأحكام وتقرير الأحوال والنظر في المستجدات ضمن الثوابت العريضة الكبيرة. وذلك لا يعني بالضرورة صوابية رأي المجتهدين الجدد في كل قضية أو نازلة، وإنما المقصود هنا مدى توفر الرغبة الصادقة في طرح الإشكالات الجديدة على بساط البحث، ومنها على سبيل المثال القضايا المعاصرة في الاقتصاد والسياسة والاجتماع والحرب والسلم والعلاقات الدولية، والقضايا الأسرية الشائكة من زواج القاصرات إلى عنف الأزواج وتعليق الزوجات. إنها باختصار قضايا شائكة بامتياز يتنازع الحكم فيها مقلدون قدامى، ومفكرون جدد. أما المسألة الأخطر، فهو التأخر في البت فيها، والاستغراق في محاولة التوفيق بين المختلفين حولها أعواماً طويلة لمجرد أن البعض المتنفذ يصر على رأي قديم أو حكم محدود بزمانه ورجاله وأحواله.